إِذَا تَأَمَّلْتَهُ حَقَّ التَّأَمُّلِ أَطْلَعَكَ التَّأَمُّلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي غَزَاةِ الْفَتْحِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَسَأَلَتْهُ عائشة أَنْ تَدْخُلَ الْبَيْتَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تُصَلِّي فِي الْحِجْرِ رَكْعَتَيْنِ.
[فَصْلٌ هَلْ وَقَفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُلْتَزَمِ بَعْدَ الْوَدَاعِ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ وُقُوفُهُ فِي الْمُلْتَزَمِ، فَالَّذِي رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَفِي " سُنَنِ أبي داود "، عَنْ عبد الرحمن بن أبي صفوان، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، انْطَلَقْتُ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْكَعْبَةِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَقَدِ اسْتَلَمُوا الرُّكْنَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الْحَطِيمِ، وَوَضَعُوا خُدُودَهُمْ عَلَى الْبَيْتِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَطَهُمْ.
وَرَوَى أبو داود أَيْضًا: مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: ( «طُفْتُ مَعَ عبد الله، فَلَمَّا حَاذَى دُبُرَ الْكَعْبَةِ قُلْتُ: أَلَا تَتَعَوَّذُ؟ قَالَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ، فَقَامَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، فَوَضَعَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ هَكَذَا، وَبَسَطَهُمَا بَسْطًا، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ» ) .
فَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي وَقْتِ الْوَدَاعِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِهِ، وَلَكِنْ قَالَ مجاهد وَالشَّافِعِيُّ بَعْدَهُ وَغَيْرُهُمَا: إِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ فِي الْمُلْتَزَمِ بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَيَدْعُو، ( «وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَلْتَزِمُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ وَكَانَ يَقُولُ: لَا يَلْتَزِمُ مَا بَيْنَهُمَا أَحَدٌ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» ) ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[أَيْنَ صَلَّى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ لَيْلَةَ الْوَدَاعِ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَهِيَ مَوْضِعُ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ صَبِيحَةَ لَيْلَةِ