يَلْتَقِي النَّاسُ فِيهِ فِي الدُّنْيَا أَكْثَرَ مِنِ الْتِقَائِهِمْ فِي غَيْرِهِ، فَهُوَ يَوْمُ التَّلَاقِ. قَالَ أبو التياح يزيد بن حميد: كَانَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللِّهِ يُبَادِرُ فَيَدْخُلُ كُلَّ جُمُعَةٍ، فَأَدْلَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الْمَقَابِرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ صَاحِبَ كُلِّ قَبْرٍ جَالِسًا عَلَى قَبْرِهِ، فَقَالُوا: هَذَا مطرف يَأْتِي الْجُمُعَةَ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُمْ، وَتَعْلَمُونَ عِنْدَكُمُ الْجُمُعَةَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، وَنَعْلَمُ مَا تَقُولُ فِيهِ الطَّيْرُ، قُلْتُ: وَمَا تَقُولُ فِيهِ الطَّيْرُ؟ قَالُوا: تَقُولُ رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ يَوْمٌ صَالِحٌ.
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ " الْمَنَامَاتِ " وَغَيْرِهِ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ عاصم الجحدري، قَالَ: رَأَيْتُ عاصما الجحدري فِي مَنَامِي بَعْدَ مَوْتِهِ لِسَنَتَيْنِ، فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ مِتَّ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَأَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا وَاللَّهِ فِي رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، أَنَا وَنَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِي، نَجْتَمِعُ كُلَّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ وَصَبِيحَتِهَا إِلَى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ فَنَتَلَقَّى أَخْبَارَكُمْ. قُلْتُ: أَجْسَامُكُمْ أَمْ أَرْوَاحُكُمْ؟ قَالَ: هَيْهَاتَ بَلِيَتِ الْأَجْسَامُ وَإِنَّمَا تَتَلَاقَى الْأَرْوَاحُ، قَالَ: قُلْتُ: فَهَلْ تَعْلَمُونَ بِزِيَارَتِنَا لَكُمْ؟ قَالَ: نَعْلَمُ بِهَا عَشِيَّةَ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ كُلَّهُ، وَلَيْلَةَ السَّبْتِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ. قَالَ: قُلْتُ: فَكَيْفَ ذَلِكَ دُونَ الْأَيَّامِ كُلِّهَا؟ قَالَ: لِفَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَعَظَمَتِهِ.
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ كُلَّ غَدَاةِ سَبْتٍ حَتَّى يَأْتِيَ الْجَبَّانَةَ، فَيَقِفُ عَلَى الْقُبُورِ، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ وَيَدْعُو لَهُمْ ثُمَّ يَنْصَرِفُ. فَقِيلَ لَهُ: لَوْ صَيَّرْتَ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ. قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الْمَوْتَى يَعْلَمُونَ بِزُوَّارِهِمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمًا قَبْلَهُ وَيَوْمًا بَعْدَهُ.
وَذَكَرَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ الضحاك، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ زَارَ قَبْرًا يَوْمَ السَّبْتِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، عَلِمَ الْمَيَّتُ بِزِيَارَتِهِ. فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لِمَكَانِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute