[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ]
٥٧٠ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ ذِكْرُ وُصُولِ أُسْطُولِ صِقِلِّيَّةَ إِلَى مَدِينَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَانْهِزَامِهِ عَنْهَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الْمُحَرَّمِ ظَفِرَ أَهْلُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَعَسْكَرِ مِصْرَ بِأُسْطُولِ الْفِرِنْجِ مِنْ صِقِلِّيَّةَ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ [إِرْسَالِ] أَهْلِ مِصْرَ إِلَى مَلِكِ الْفِرِنْجِ بِسَاحِلِ الشَّامِ، وَإِلَى صَاحِبِ صِقِلِّيَّةَ، لِيَقْصِدُوا دِيَارَ مِصْرَ لِيَثُورُوا بِصَلَاحِ الدِّينِ وَيُخْرِجُوهُ مِنْ مِصْرَ، فَجَهَّزَ صَاحِبُ صِقِلِّيَّةَ أُسْطُولًا كَثِيرًا عُدَّتُهُ مِائَتَا شِينِيٍّ تَحْمِلُ الرَّجَّالَةَ، وَسِتُّ وَثَلَاثُونَ طَرِيدَةً تَحْمِلُ الْخَيْلَ، وَسِتَّةُ مَرَاكِبَ كِبَارٍ تَحْمِلُ آلَةَ الْحَرْبِ، وَأَرْبَعُونَ مَرْكَبًا تَحْمِلُ الْأَزْوَادَ، وَفِيهَا مِنَ الرَّاجِلِ خَمْسُونَ أَلْفًا، وَمِنَ الْفُرْسَانِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٌ، مِنْهَا خَمْسُمِائَةُ تَرَكْبَلِيٍّ.
وَكَانَ الْمُقَدَّمُ عَلَيْهِمُ ابْنَ عَمِّ صَاحِبِ صِقِلِّيَّةَ، وَسَيَّرَهُ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ مِنْ دِيَارِ مِصْرَ، فَوَصَلُوا إِلَيْهَا فِي السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ، عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا وَطُمَأْنِينَةٍ، فَخَرَجَ أَهْلُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِسِلَاحِهِمْ وَعُدَّتِهِمْ لِيَمْنَعُوهُمْ مِنَ النُّزُولِ، وَأَبْعَدُوا عَنِ الْبَلَدِ، فَمَنْعَهُمُ الْوَالِي عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَرَهُمْ بِمُلَازَمَةِ السُّورِ، وَنَزَلَ الْفِرِنْجُ إِلَى الْبَرِّ مِمَّا يَلِي الْبَحْرَ وَالْمَنَارَةَ وَتَقَدَّمُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَنَصَبُوا عَلَيْهَا الدَّبَّابَاتِ وَالْمَجَانِيقَ وَقَاتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ، وَصَبَرَ لَهُمْ أَهْلُ الْبَلَدِ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مِنَ الْعَسْكَرِ إِلَّا الْقَلِيلُ، وَرَأَى الْفِرِنْجُ مِنْ شَجَاعَةِ أَهْلِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَحُسْنِ سِلَاحِهِمْ مَا رَاعَهُمْ.
وَسُيِّرَتِ الْكُتُبُ بِالْحَالِ إِلَى صَلَاحِ الدِّينِ يَسْتَدْعُونَهُ لِدَفْعِ الْعَدُوِّ عَنْهُمْ، وَدَامَ الْقِتَالُ أَوَّلَ يَوْمٍ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ، ثُمَّ عَاوَدَ الْفِرِنْجُ الْقِتَالَ الْيَوْمَ الثَّانِيَ، وَجَدُّوا، وَلَازَمُوا الزَّحْفَ، حَتَّى وَصَلَتِ الدَّبَّابَاتُ إِلَى قُرْبِ السُّورِ، وَوَصَلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ الْعَسَاكِرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute