[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ]
٧٧ -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ
ذِكْرُ مُحَارَبَةِ شَبِيبٍ عَتَّابَ بْنَ وَرْقَاءَ وَزُهْرَةَ بْنَ حَوِيَّةَ وَقَتْلِهِمَا
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قَتَلَ شَبِيبٌ عَتَّابَ بْنَ وَرْقَاءَ الرِّيَاحِيَّ وَزُهْرَةَ بْنَ حَوِيَّةَ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ شَبِيبًا لَمَّا هَزَمَ الْجَيْشَ الَّذِي كَانَ وَجَّهَهُ الْحَجَّاجُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، وَقُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ قَطَنٍ، كَانَ ذَلِكَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَأَتَى شَبِيبٌ مَاهَ بَهْرَاذَانَ فَصَيَّفَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَأَتَاهُ نَاسٌ كَثِيرٌ مِمَّنْ يَطْلُبُ الدُّنْيَا، وَمِمَّنْ كَانَ الْحَجَّاجُ يَطْلُبُهُمْ بِمَالٍ أَوْ تَبِعَاتٍ. فَلَمَّا ذَهَبَ الْحَرُّ خَرَجَ شَبِيبٌ فِي نَحْوِ ثَمَانِمِائَةِ رَجُلٍ فَأَقْبَلَ نَحْوَ الْمَدَائِنِ، وَعَلَيْهَا مُطَرِّفُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فَجَاءَ حَتَّى نَزَلَ قَنَاطِرَ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، فَكَتَبَ عَظِيمُ بَابِلَ مَهْرُوذُ إِلَى الْحَجَّاجِ بِذَلِكَ، فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، لَتُقَاتِلُنَّ عَنْ بِلَادِكُمْ وَعَنْ فَيْئِكُمْ، أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَى قَوْمٍ هُمْ أَطْوَعُ وَأَصْبَرُ عَلَى اللَّأْوَاءِ وَالْقَيْظِ مِنْكُمْ، فَيُقَاتِلُونَ عَدُوَّكُمْ وَيَأْكُلُونَ فَيْئَكُمْ.
فَقَامَ إِلَيْهِ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَمَكَانٍ فَقَالُوا: نَحْنُ نُقَاتِلُهُمْ وَنَعْتِبُ الْأَمِيرَ، فَلْيَنْدُبْنَا الْأَمِيرُ إِلَيْهِمْ. وَقَامَ إِلَيْهِ زُهْرَةُ بْنُ حَوِيَّةَ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَتِمُّ قَائِمًا حَتَّى يُؤْخَذَ بِيَدِهِ، فَقَالَ [لَهُ] : أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، إِنَّمَا تَبْعَثُ إِلَيْهِمُ النَّاسَ مُتَقَطِّعِينَ، فَاسْتَنْفِرِ النَّاسَ إِلَيْهِمْ كَافَّةً، وَابْعَثْ إِلَيْهِمْ رَجُلًا شُجَاعًا مُجَرِّبًا مِمَّنْ يَرَى الْفِرَارَ هَضْمًا وَعَارًا، وَالصَّبْرَ مَجْدًا وَكَرَمًا. فَقَالَ الْحَجَّاجُ: فَأَنْتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَاخْرُجْ. فَقَالَ زُهْرَةُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، إِنَّمَا يَصْلُحُ الرَّجُلُ يَحْمِلُ الدِّرْعَ وَالرُّمْحَ، وَيَهُزُّ السَّيْفَ، وَيَثْبُتُ عَلَى [مَتْنِ] الْفَرَسِ، وَأَنَا لَا أُطِيقُ مِنْ هَذَا شَيْئًا، وَقَدْ ضَعُفَ بَصَرِي [وَضَعُفْتُ] ، وَلَكِنْ أَخْرِجْنِي مَعَ الْأَمِيرِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute