(لَا) دَيْنَ (كَفَّارَةٍ) لِيَمِينٍ أَوْ غَيْرِهِ كَظِهَارٍ وَصَوْمٍ، (وَ) لَا دَيْنَ (هَدَى) وَجَبَ عَلَيْهِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا يَسْقُطَانِ زَكَاةُ الْعَيْنِ.
(إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ) أَيْ لِرَبِّ الْعَيْنِ الْمَدِينِ (مِنْ الْعُرُوضِ مَا) أَيِّ شَيْءٍ (يَفِي بِهِ) أَيْ بِدَيْنِهِ؛ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ فِي نَظِيرِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَيُزَكِّي مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعَيْنِ.
وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ بِشَرْطَيْنِ:
أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ: (إنْ حَالَ حَوْلُهُ) : أَيْ الْعَرْضُ (عِنْدَهُ) .
ــ
[حاشية الصاوي]
لِلْوَلَدِ أَكْثَرُ مِنْ مُسَامَحَةِ الْوَلَدِ لَهُمَا لِأَنَّ حُبَّ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ مَوْرُوثٌ مِنْ آدَمَ، وَلَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ حُبُّ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ.
قَوْلُهُ: [لَا دَيْنَ كَفَّارَةٍ] إلَخْ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ دَيْنِ الزَّكَاةِ أَنَّ دَيْنَ الزَّكَاةِ تُتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ مِنْ الْإِمَامِ الْعَدُوِّ وَيَأْخُذُهَا كُرْهًا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَالْهَدْيِ، فَإِنَّهُ لَا يُتَوَجَّهُ فِيهِمَا ذَلِكَ وَتَعَقَّبْ هَذَا الْفَرْقُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَتَّابٍ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عَرَفَةَ قَائِلًا: لَا فَرْقَ بَيْنَ دَيْنِ الزَّكَاةِ وَالْهَدْي وَالْكَفَّارَةِ فِي مُطَالَبَةِ الْإِمَامِ بِهَا، وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ فَتَحَصَّلَ أَنَّ فِي دَيْنِ الْكَفَّارَةِ وَالْهَدْي طَرِيقَتَيْنِ: طَرِيقَةُ ابْنِ عَتَّابٍ يَقُولُ كَالزَّكَاةِ، وَطَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَخَلِيلٍ وَشُرَّاحِهِ أَنَّهُمَا لَيْسَا كَالزَّكَاةِ.
قَوْلُهُ: [إنْ حَالَ حَوْلُهُ] : أَيْ مَضَى لَهُ حَوْل. وَالْمُرَادُ بِالْحَوْلِ: السَّنَةُ كَمَا هُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِهِمْ. وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ هَذَا الشَّرْطُ إذَا مَرَّ عَلَى الدَّيْنِ حَوْلٌ وَهُوَ عِنْدَ الْمَدِينِ، وَإِلَّا فَالشَّرْطُ مُسَاوَاةُ الدَّيْنِ لِمَا يَجْعَلُ فِيهِ زَمَانًا. وَاشْتِرَاطُ مُرُورِ الْحَوْلِ عَلَى مَا يَجْعَلُ فِي الدَّيْنِ مِنْ الْعَرَضِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ بَلْ يَجْعَلُ قِيمَتَهُ فِي مُقَابِلَةِ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَمُرْ عَلَيْهِ حَوْلٌ عِنْدَهُ. قَالَ (ر) : وَبَنَوْا هَذَا الْخِلَافَ عَلَى أَنَّ مِلْكَ الْعَرَضِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ هُوَ مُنْشِئٌ لِمِلْكِ الْعَيْنِ الَّتِي بِيَدِهِ مِنْ الْآنَ وَحِينَئِذٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا لِفَقْدِ الْحَوْلِ - وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ - أَوْ كَاشِفٌ أَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لَهَا، وَحِينَئِذٍ فَيُزَكِّي، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ يُوجِبُ عُمُومَ شَرْطِ الْحَوْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كُلِّ مَا يَجْعَلُ فِي مُقَابِلَةِ الدَّيْنِ مِنْ مَعْشَرٍ وَمَعْدِنٍ وَغَيْرِهِمَا، مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرِطُوا مُرُورَ الْحَوْلِ إلَّا فِي الْعَرَضِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي الْمَعْشَرِ وَالْمَعْدِنِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ. اُنْظُرْ (بْن) . كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute