(الْإِعَارَةُ) : أَيْ حَقِيقَتُهَا عُرْفًا، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ التَّعَاوُرِ: بِمَعْنَى التَّدَاوُلِ أَوْ مِنْ الْعَرْوِ بِمَعْنَى الْإِصَابَةِ وَالْعُرُوضِ، يُقَالُ: اعْتَرَاهُ كَذَا: بِمَعْنَى أَصَابَهُ وَعَرَضَ لَهُ أَوْ بِمَعْنَى الْخُلُوِّ، يُقَالُ: عَرَا عَنْهُ بِمَعْنَى خَلَا. وَأُنْكِرَ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهَا مِنْ الْعَارِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ فِي الْإِعَارَةِ وَأَحْكَامِهَا] [تَعْرِيف الْإِعَارَة]
لَمَّا كَانَ بَيْنَ الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ مُنَاسَبَةٌ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا يُثَابُ فَاعِلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ - بِالْفَتْحِ - يُثَابُ عَلَى الْحِفْظِ وَالْمُعِيرُ - بِالْكَسْرِ - يُثَابُ عَلَى الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ كُلًّا فَعَلَ مَعْرُوفًا وَهُوَ صَدَقَةٌ أَعْقَبَهَا بِهَا.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ] : أَيْ الْعَارِيَّةُ - لَا بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ - بَلْ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ؛ فَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ اسْتِخْدَامُ. قَوْلِهِ: [مِنْ التَّعَاوُرِ] إلَخْ: أَيْ فَهِيَ وَاوِيَّةٌ فَأَصْلُ عَارِيَّةٍ عَوَرِيَّةٌ بِفَتَحَاتٍ تُخَفَّفُ بَاؤُهَا وَتُشَدَّدُ تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلْفًا. قَوْلُهُ: [أَوْ مِنْ الْعَرْوِ] : أَيْ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاك هِزَّةٌ ... كَمَا انْتَفَضَ الْعُصْفُورُ بَلَّلَهُ الْقَطْرُ
فَأَصْلُهَا عَارُووَةٌ بِوَزْنِ فَاعُولَةٍ؛ قُلِبَتْ الْوَاوُ الثَّانِيَةُ يَاءً لِتَطَرُّفِهَا وَالتَّاءُ فِي نِيَّةِ الِانْفِصَالِ فَاجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ هَذَا فِي الْمُشَدَّدَةِ وَأَصْلُ الْمُخَفَّفَةِ عَارِوَةٌ فَاعِلَةٌ أُبْدِلَتْ الْوَاوُ يَاءً لِتَطَرُّفِهَا.
قَوْلُهُ: [وَأُنْكِرَ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهَا مِنْ الْعَارِ] : إنَّمَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا أَمْرٌ مَنْدُوبٌ وَالْمُسْتَعِيرُ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ عَارٌ، وَالْعَارُ فِي الْمُسْتَقْبِحِ شَرْعًا وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ الْعَارِ لَكَانَتْ يَائِيَّةً، وَقِيلَ: الْقَوْمُ يَتَعَيَّرُونَ مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا يَتَعَاوَرُونَ أَيْ يُعِيرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأَصْلُهَا عَلَيْهِ عَيْرَةٌ عَلَى وَزْنِ فَعْلَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute