(وَالْعَيْنُ) : أَيْ النَّقْدُ مِنْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ (وَالطَّعَامُ) وَالشَّرَابُ إنْ وَقَعَتْ وَأُعْطِيَتْ لِلْغَيْرِ وَإِنْ بِلَفْظِ الْعَارِيَّةِ (قَرْضٌ) لَا عَارِيَّةَ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْعَارِيَّةِ مَا رُدَّتْ عَيْنُهَا لِرَبِّهَا بَعْدَ الِانْتِفَاعِ بِهَا، وَفِي الِانْتِفَاعِ بِمَا ذُكِرَ ذَهَابُ الْعَيْنِ فَيَضْمَنُهُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ.
(وَ) الرَّابِعُ: (مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا) مِنْ صِيغَةٍ لَفْظِيَّةٍ كَأَعَرْتُكَ أَوْ غَيْرِهَا، كَإِشَارَةٍ وَمُنَاوَلَةٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا.
(وَجَازَ) أَنْ يَقُولَ: (أَعِنِّي بِغُلَامِك) مَثَلًا فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ الشَّهْرِ (لِأُعِينَك) فِي غَدٍ مَثَلًا بِغُلَامِي أَوْ دَابَّتِي (وَهِيَ) حِينَئِذٍ (إجَارَةٌ) لَا إعَارَةٌ؛ لِأَنَّهَا مَنَافِعُ بِمَنَافِعَ وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمُعَارِ فِيهِ أَوْ اخْتَلَفَ، كَبِنَاءٍ وَحَصَادٍ، وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ الزَّمَنُ فِيهِمَا أَوْ اخْتَلَفَ، فَيُشْتَرَطُ فِيهَا تَعَيُّنُ الزَّمَنِ أَوْ الْعَمَلِ كَالْإِجَارَةِ.
(وَضَمِنَ) الْمُسْتَعِيرُ (مَا يُغَابُ عَلَيْهِ) . كَالْحُلِيِّ وَالثِّيَابِ مِمَّا شَأْنُهُ الْخَفَاءُ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَرَقِيقٍ؛ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَلَدِ اسْتِخْدَامُ وَالِدِهِ أَوْ وَالِدَتِهِ فِي غَيْرِ الرَّضَاعِ كَمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ كَمَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا] : أَيْ فَكُلُّ مَا يَدُلُّ عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَافٍ، لَكِنْ لَا تَلْزَمُ الْعَارِيَّةُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا إلَّا إذَا قُيِّدَتْ بِعَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ، أَوْ لَمْ تُقَيَّدْ وَجَرَتْ الْعَادَةُ فِيهَا بِشَيْءٍ وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْ.
قَوْلُهُ: [فَيُشْتَرَطُ فِيهَا تَعْيِينُ الزَّمَنِ] إلَخْ: أَيْ فَيَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَقُولَ لِآخَرَ: أَعِنِّي بِغُلَامِك الْيَوْمَ مَثَلًا عَلَى أَنْ أُعِينَك بِغُلَامِي مَثَلًا غَدًا، وَيَكُونُ ذَلِكَ إجَارَةً لَا عَارِيَّةً؛ أَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَآهُ مِنْ الرِّفْقِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا يَقَعُ بِهِ التَّعَاوُنُ مَعْلُومًا بَيْنَهُمْ وَأَنْ يَقْرُبَ الْعَقْدُ مِنْ زَمَنِ الْعَمَلِ، فَلَوْ قَالَ لَهُ أَعِنِّي: بِغُلَامِك أَوْ بِثَوْرِك غَدًا عَلَى أَنْ أُعِينَك بِغُلَامِي أَوْ بِثَوْرِي بَعْدَ شَهْرٍ وَنِصْفٍ مَثَلًا لَمْ يَجُزْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ نِصْفَ شَهْرٍ فَأَقَلَّ فَيَجُوزُ، وَإِنَّمَا مُنِعَ فِي أَزْيَدَ مِنْ شَهْرٍ؛ لِأَنَّهُ نَقْدٌ فِي مَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَلَا يُقَالُ إنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْعَمَلِ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّنَا نَقُولُ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةً كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْخَرَشِيِّ وَالْحَاشِيَةِ.
[ضَمَانُ الْمُسْتَعِيرِ]
قَوْلُهُ: [وَضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ] : أَيْ فَالْعَارِيَّةُ كَالرَّهْنِ فِي التَّفْصِيلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute