(وَهِيَ) أَيْ الْقِبْلَةُ (عَيْنُ الْكَعْبَةِ) : أَيْ ذَاتُهَا (لِمَنْ بِمَكَّةَ) : وَمَنْ فِي حُكْمِهَا مِمَّنْ يُمْكِنُهُ الْمُسَامَتَةُ، كَمَنْ فِي جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ فَيَسْتَقْبِلُهَا بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، حَتَّى لَوْ خَرَجَ مِنْهُ عُضْوٌ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. ثُمَّ إنَّ مَنْ بِمَكَّةَ - إنْ كَانَ بِالْحَرَمِ - فَظَاهِرٌ، فَيُصَلُّونَ صَفًّا إنْ كَانُوا قَلِيلًا أَوْ دَائِرَةً أَوْ قَوْسًا إذَا لَمْ تَكْمُلْ الدَّائِرَةُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَلْ بِبَيْتِهِ مَثَلًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَصْعَدَ عَلَى سَطْحٍ أَوْ مَكَان مُرْتَفِعٍ، ثُمَّ يَنْظُرُ الْكَعْبَةَ وَيُحَرِّرُ قِبْلَتَهُ جِهَتَهَا. وَلَا يَكْفِي الِاجْتِهَادُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ مَسَاجِدُ مَكَّةَ الَّتِي حَوْلَهَا كَمَسْجِدِ ذِي طُوًى.
(وَجِهَتُهَا) : أَيْ الْكَعْبَةِ (لِغَيْرِهِ) : أَيْ غَيْرِ مَنْ بِمَكَّةَ سَوَاءً كَانَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [عَيْنُ الْكَعْبَةِ] : أَيْ فَالشَّرْطُ اسْتِقْبَالُ ذَاتِ الْكَعْبَةِ أَيْ بِنَائِهَا وَالْبُقْعَةِ إنْ نُقِضَتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: [الْمُسَامَتَةُ] أَيْ مُقَابَلَةُ سَمْتِهَا أَيْ ذَاتِ بِنَائِهَا.
قَوْلُهُ: [ثُمَّ إنَّ مَنْ بِمَكَّةَ] إلَخْ: قَالَ فِي الْأَصْلِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ بِمَكَّةَ أَقْسَامٌ: الْأَوَّلُ صَحِيحٌ آمِنٌ، فَهَذَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ، إمَّا بِأَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ بِأَنْ يَطَّلِعَ عَلَى سَطْحٍ لِيَرَى ذَاتَ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُصَلِّي إلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ طُلُوعٌ أَوْ كَانَ بِلَيْلٍ اسْتَدَلَّ عَلَى الذَّاتِ بِالْعَلَامَةِ الْيَقِينِيَّةِ الَّتِي يَقْطَعُ بِهَا جَزْمًا لَا يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ بِحَيْثُ إنَّهُ لَوْ أُزِيلَ لَكَانَ مُسَامِتًا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ صَلَاةٌ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ. الثَّانِي مَرِيضٌ مَثَلًا يُمْكِنُهُ جَمِيعُ مَا سَبَقَ فِي الصَّحِيحِ لَكِنْ بِجُهْدٍ وَمَشَقَّةٍ، فَهَذَا فِيهِ التَّرَدُّدُ، أَيْ فَإِنَّهُ قِيلَ بِجَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي طَلَبِ الْعَيْنِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْيَقِينُ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ الْمُعَايَنَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْيَقِينِ تَمْنَعُ مِنْ الِاجْتِهَادِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ فَلِذَلِكَ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُنَا. الثَّالِثُ: مَرِيضٌ مَثَلًا لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فَهَذَا يَجْتَهِدُ فِي الْعَيْنِ ظَنًّا وَلَا يَلْزَمُهُ الْيَقِينُ اتِّفَاقًا. الرَّابِعُ: مَرِيضٌ مَثَلًا يَعْلَمُ الْجِهَةَ قَطْعًا وَكَانَ مُتَوَجِّهًا لِغَيْرِ الْبَيْتِ وَلَكِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّحَوُّلِ وَلَمْ يَجِدْ مُحَوِّلًا، فَهَذَا كَالْخَائِفِ مِنْ عَدُوٍّ وَنَحْوِهِ يُصَلِّي لِغَيْرِ الْجِهَةِ، لِأَنَّ شَرْطَ الِاسْتِقْبَالِ الْأَمْنُ وَالْقُدْرَةُ، وَلَا يَخْتَصُّ بِمَنْ بِمَكَّةَ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لِلْعَاجِزِ وَالْخَائِفِ عَدَمُ الِاسْتِقْبَالِ بِمَكَّةَ فَمَنْ بِغَيْرِهَا أَوْلَى. (اهـ.)
قَوْلُهُ: [مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ] : أَيْ وَلَوْ كَانَ بِمَشَقَّةٍ.
قَوْلُهُ: [غَيْرِ مَنْ بِمَكَّةَ] : أَيْ وَالْمَدِينَةِ وَجَامِعِ عَمْرٍو لِأَنَّ الْمَدِينَةَ بِالْوَحْيِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute