يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوَّلًا عِنْدَ التَّنَازُعِ فِيمَنْ يَبْدَأُ بِالتَّسْلِيمِ اقْتَضَى أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ، لِأَنَّهُ يَقُولُ: حَقُّ الْبَائِعِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِي حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ مِنِّي، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: عَلَيَّ، أَوْ: فِي ذِمَّتِي كَذَا مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ مِمَّا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَقَالَ الْمُدَّعِي: بَلْ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ مَثَلًا فَيَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ أَيْضًا لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِعِمَارَةِ ذِمَّتِهِ، وَيُعَدُّ قَوْلُهُ مِنْ خَمْرٍ نَدَمًا لَا يَنْفَعُهُ.
(أَوْ) قَالَ لِمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِكَذَا لِيَأْخُذَهُ مِنْهُ: (أَقْرَرْت بِهِ) لَك (وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ) وَأَنَا (مُبَرْسَمٌ) وَالْبِرْسَامُ: نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (إنْ عَلِمَ تَقَدُّمَهُ) : أَيْ الْبِرْسَامِ (لَهُ) . وَعَلَى الْمُدَّعِي إثْبَاتُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ حَالَ عَقْلِهِ.
(أَوْ أَقَرَّ) لِمَنْ طَلَبَ مِنْهُ شَيْئًا. إعَارَةً أَوْ شِرَاءً (اعْتِذَارًا) بِأَنَّهُ لِابْنِي أَوْ زَوْجَتِي أَوْ لِفُلَانٍ لِيَتَخَلَّصَ مِنْ إعْطَائِهِ لِلطَّالِبِ إذَا كَانَ مِثْلُهُ يُعْتَذَرُ لَهُ كَكَوْنِهِ ذَا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوْ لَا] إلَخْ: أَيْ حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا وَالْمُثَمَّنُ عَرَضًا كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي كَذَا مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ] إلَخْ: الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ الْمَتْنِ أَنَّ هَذَا إقْرَارٌ عُرْفًا بِسَبَبِ تَصْرِيحِهِ بِقَوْلِهِ: عَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي. بِخِلَافِ قَوْلِهِ اشْتَرَيْت عَبْدًا لَمْ أَقْبِضْهُ فَإِنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِشَيْءٍ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اشْتَرَيْت لَا يَقْتَضِي قَبْضًا بِخِلَافِ عَلَيَّ وَفِي ذِمَّتِي فَإِنَّهُ مُقْتَضٍ لِلْقَبْضِ.
قَوْلُهُ: [وَيُعَدُّ قَوْلُهُ مِنْ خَمْرٍ نَدَمًا] : أَيْ كَمَا يُعَدُّ قَوْلُهُ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ نَدَمًا لَا يَنْفَعُهُ.
قَوْلُهُ: [أَقْرَرْت بِهِ لَك وَأَنَا صَبِيٌّ] إلَخْ: أَيْ حَيْثُ قَالَ ذَلِكَ نَسَقًا وَلَمْ تُكَذِّبْهُ الْبَيِّنَةُ، وَمِثْلُهُ، لَوْ قَالَ: أَقْرَرْت بِكَذَا قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ، لِأَنَّهُ خَارِجٌ مَخْرَجَ الِاسْتِهْزَاءِ. فَلَوْ قَالَ: أَقْرَرْت وَلَمْ أَدْرِ أَكُنْت صَبِيًّا أَوْ بَالِغًا، فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ بُلُوغُهُ حِينَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ بِخِلَافِ لَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي أَكُنْت عَاقِلًا أَمْ لَا، فَيَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَقْلُ.
قَوْلُهُ: [إذَا كَانَ مِثْلُهُ يُعْتَذَرُ لَهُ] : هَذَا الْقَيْدُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيُّ، وَاعْتَرَضَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute