وَإِلَّا بَنَى عَلَى مَا فَعَلَ بِنِيَّةٍ.
الْفَرِيضَةُ الثَّالِثَةُ: تَعْمِيمُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِالْمَاءِ، بِأَنْ يَنْغَمِسَ فِيهِ أَوْ يَصُبَّهُ عَلَى جَسَدِهِ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا.
(وَدَلْكٌ وَلَوْ بَعْدَ صَبِّهِ وَإِنْ بِخِرْقَةٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ سَقَطَ، وَلَا اسْتِنَابَةَ) : الْفَرِيضَةُ الرَّابِعَةُ: الدَّلْكُ وَهُوَ هُنَا إمْرَارُ الْعُضْوِ عَلَى ظَاهِرِ الْجَسَدِ، يَدًا أَوْ رِجْلًا فَيَكْفِي دَلْكُ الرِّجْلِ بِالْأُخْرَى. وَيَكْفِي الدَّلْكُ بِظَاهِرِ الْكَفِّ وَبِالسَّاعِدِ وَالْعَضُدِ، بَلْ يَكْفِي بِالْخِرْقَةِ عِنْدَ -
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا بَنَى بِنِيَّةٍ] : أَيْ حَيْثُ فَرَّقَ نَاسِيًا وَأَمَّا لَوْ فَرَّقَ عَاجِزًا فَيَبْنِي لِنِيَّةٍ لِاسْتِصْحَابِهَا. وَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ يَأْتِي هُنَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: [فَإِنْ فَرَّقَ عَامِدًا] إلَى آخِرِهِ: مَا قِيلَ إلَّا مَنْطُوقُهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ. وَمَفْهُومُهُ بَعْدَهَا خَمْسُ صُوَرٍ: وَهِيَ مَا إذَا فَرَّقَ نَاسِيًا، أَوْ عَاجِزًا، أَطَالَ أَمْ لَا، أَوْ عَامِدًا مُخْتَارًا وَلَمْ يُطِلْ. وَالْكُلُّ يَبْنِي فِيهَا بِغَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ، إلَّا إذَا فَرَّقَ نَاسِيًا وَطَالَ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ: (بَنَى بِنِيَّةٍ) كَلَامٌ مُجْمَلٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّاسِي فِي حَالَةِ الطُّولِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ غَيْرِهَا] : كَتَلَقِّيه مِنْ الْمَطَرِ وَتَمْرِيغِهِ فِي الزَّرْعِ وَعَلَيْهِ نَدًى كَثِيرٌ حَتَّى عَمَّهُ الْمَاءُ.
قَوْلُهُ: [وَدَلْكٌ] : هُوَ دَاخِلٌ فِي مَفْهُومِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّهُ صَبُّ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ مَعَ دَلْكٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ؛ وَحِينَئِذٍ فَيُغْنِي عَنْهُ اسْمُ الْغُسْلِ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ وَاجِبٌ لِإِيصَالِ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ، فَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ فَيُعِيدُ تَارِكُهُ أَبَدًا وَلَوْ تَحَقَّقَ وُصُولَ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ. وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ. وَاخْتَارَ الْأُجْهُورِيُّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ لِقُوَّةِ مُدْرَكِهِ. وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ قَوِيَّ الْمُدْرَكِ، فَهُوَ ضَعِيفٌ فِي الْمَذْهَبِ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ بَعْدَ صَبِّهِ] : خِلَافًا لِلْقَابِسِيِّ فِي اشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ لِصَبِّ الْمَاءِ. فَإِذَا انْغَمَسَ فِي الْمَاءِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ فَصَارَ الْمَاءُ مُنْفَصِلًا عَنْ جَسَدِهِ إلَّا أَنَّهُ مُبْتَلٌّ، فَيَكْفِي الدَّلْكُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ هُنَا] : يَحْتَرِزُ عَنْ الْوُضُوءِ. فَإِنَّهُ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ الْمُرَادُ مِنْهَا بَاطِنُ الْكَفِّ، وَتَقَدَّمَ نَقْلُ (بْن) عَنْ المسناوي أَنَّهُ كَالْغُسْلِ يَكْفِي فِيهِ أَيُّ عُضْوٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute