الْمَاءِ عَنْهَا، لَا إنْ طُرِحَتْ وَتَفَتَّتَتْ أَوْ أُخْرِجَ مِنْهُ الطُّحْلُبُ أَوْ الزِّرْنِيخُ وَدُقَّ نَاعِمًا وَأُلْقِيَ فِيهِ فَغَيَّرَهُ فَإِنَّهُ يَضُرُّ؛ أَوْ تَغَيَّرَ بِالثِّمَارِ السَّاقِطَةِ فِيهِ لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهَا غَالِبًا. وَاحْتَرَزَ بِقَيْدِ الْمُخَالِطِ عَنْ الْمُجَاوِرِ الطَّاهِرِ كَعُودٍ وَدُهْنٍ وَلَوْ مُطَيَّبَيْنِ وَكَافُورٍ صُلْبٍ فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ لِإِمْكَانِ فَصْلِهِ وَبَقَاءِ اسْمِ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ. وَكَذَا لَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِتُرَابٍ وَلَوْ مُسْتَعْمَلًا طُرِحَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
غَايَةٌ إشَارَةً لِلْخِلَافِ فِيهِمَا حَيْثُ قِيلَ فِيهِمَا بِالضَّرَرِ. قَوْلُهُ: (لَا إنْ طُرِحَتْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ تَنَاثَرَتْ. قَوْلُهُ: (وَتَفَتَّتَتْ) أَيْ قَبْلَ الطَّرْحِ أَوْ بَعْدَهُ، وَعِبَارَةُ م ر وَبِخِلَافِ طَرْحِ الْوَرَقِ الْمُتَفَتِّتِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَفَتِّتِ إذَا طُرِحَ ثُمَّ تَفَتَّتَ لَا يَضُرُّ، وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ فِيمَا يَضُرُّ وَرَقٌ طُرِحَ ثُمَّ تَفَتَّتَ. اهـ. ع ش.
قَوْلُهُ: (وَدُقَّ نَاعِمًا) وَلَوْ أُلْقِيَ بِلَا دَقٍّ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَفَتَّتْ فَلَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُجَاوِرٌ، وَإِنْ تَفَتَّتَ ضَرَّ فَفِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَدُقَّ تَفْصِيلٌ هَذَا عَلَى مَا فِي شَرْحِ سم عَلَى الْكِتَابِ، لَكِنْ عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَابْنِ حَجَرٍ كَالشَّارِحِ، وَمَفْهُومُهَا أَنَّهُ إذَا طُرِحَ صَحِيحًا مِنْ غَيْرِ دَقٍّ وَلَا تَفَتُّتٍ ثُمَّ تَفَتَّتَ وَغُيِّرَ لَا يَضُرُّ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَوْرَاقِ الْمَطْرُوحَةِ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ الضَّرَرُ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الطُّحْلُبَ لَمَّا كَانَ أَصْلُهُ مِنْ الْمَاءِ لَمْ يَضُرَّ، بِخِلَافِ الْأَوْرَاقِ أَوْ أَنَّ الطُّحْلُبَ أَبْعَدُ تَفَتُّتًا مِنْهَا اهـ ع ش.
قَوْلُهُ: (وَاحْتَرَزَ إلَخْ) صَرَّحَ فِي هَذَا بِلَفْظِ احْتَرَزَ لِأَنَّهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ الْقُيُودِ الَّتِي زَادَهَا هُوَ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهَا بِهَذَا الْعُنْوَانِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا فِي الْمَتْنِ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ قَوْلَهُ كَابْنِ قَاسِمٍ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مِنْ الطَّاهِرَاتِ عَنْ الْمُتَغَيِّرِ بِنَجِسٍ، وَسَيَأْتِي لَكِنَّهُ اكْتَفَى بِقَوْلِهِ عَنْ الْمُجَاوِرِ الطَّاهِرِ.
قَوْلُهُ: (كَعُودٍ وَدُهْنٍ) وَكَذَا مَا فِيهِ دُهْنِيَّةٌ كَأَحَدِ نَوْعَيْ الْقَطْرَانِ. وَمِنْ الْمُتَغَيِّرِ بِالْمُجَاوِرِ الْمُتَغَيِّرُ بِالْبَخُورِ طَعْمًا أَوْ لَوْنًا أَوْ رِيحًا ح ل وم ر. وَفِي مُبَلَّاتِ الْكَتَّانِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ إنْ تَحَقَّقَ انْفِصَالُ عَيْنٍ مِنْهُ حَصَلَ بِهَا التَّغَيُّرُ كَثِيرًا ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي الْمَاءِ عَلَى قِسْمَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا أَوْ يَكُونَ نَجِسًا، وَالطَّاهِرُ عَلَى قِسْمَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُخَالِطًا أَوْ مُجَاوِرًا، وَالْأَوَّلُ عَلَى قِسْمَيْنِ إمَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ الْمَاءُ عَنْهُ أَوْ لَا، وَالْأَوَّلُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ التَّغَيُّرُ بِهِ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا ضَرَّ، وَتُسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَوْرَاقُ إذَا تَنَاثَرَتْ بِنَفْسِهَا وَتَفَتَّتَتْ وَغَيَّرَتْ وَالْمِلْحُ الْمَائِيُّ وَالتُّرَابُ الطَّاهِرُ أَوْ الطَّهُورُ، وَإِنْ طُرِحَا فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ. وَالْمُجَاوِرُ عَلَى قِسْمَيْنِ إمَّا أَنْ تَتَحَلَّلَ مِنْهُ أَجْزَاءٌ تُمَازِجُ الْمَاءَ وَتُخَالِطُهُ كَالْمِشْمِشِ وَالزَّبِيبِ وَالْعِرْقِسُوسِ وَالْبَقَّمِ فَيَرْجِعُ إلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَيَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ إذَا كَثُرَ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ كَالْعُودِ وَالدُّهْنِ وَلَوْ مُطَيَّبَيْنِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مُجَرَّدُ تَرَوُّحٍ. وَالنَّجِسُ عَلَى قِسْمَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مُنَجِّسًا أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنَجِّسٍ لَمْ يُؤَثِّرْ مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ كَالْمَيْتَةِ الَّتِي لَا يَسِيلُ دَمُهَا، وَكَالنَّجِسِ الَّذِي لَا يُدْرِكُهُ بَصَرٌ مُعْتَدِلٌ، وَكَدُخَانِ النَّجَاسَةِ إذَا كَانَ قَلِيلًا، وَكَغُبَارِ السِّرْجِينِ إذَا كَانَ قَلِيلًا، وَكَالْيَسِيرِ مِنْ الشَّعْرِ النَّجِسِ غَيْرِ الْمُغَلَّظِ، وَإِنْ كَانَ النَّجِسُ مُنَجِّسًا نُظِرَ فِي الْمَاءِ تَارَةً يَكُونُ قَلِيلًا وَتَارَةً يَكُونُ كَثِيرًا، فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَلَوْ جَارِيًا تَنَجَّسَ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ يَتَنَجَّسْ إلَّا بِتَغَيُّرِ طَعْمِهِ أَوْ لَوْنِهِ أَوْ رِيحِهِ فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ مُطَيَّبَيْنِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ مُطَيَّبَيْنِ بِغَيْرِهِمَا، وَيَجُوزُ كَسْرُهَا أَيْ مُطَيِّبَيْنِ لِغَيْرِهِمَا. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ وَلَوْ مُطَيَّبَيْنِ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ أَوْلَى مِنْ كَسْرِهَا، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَضُرَّ الْمَصْنُوعُ فَالْخِلْقِيُّ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (صُلْبٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ غَيْرِ الصُّلْبِ، فَإِنَّهُ مُخَالِطٌ. فَالْكَافُورُ نَوْعَانِ صُلْبٌ وَغَيْرُهُ. فَالْأَوَّلُ مُجَاوِرٌ، وَالثَّانِي مُخَالِطٌ، وَمِثْلُهُ الْقَطْرَانُ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعًا فِيهِ دُهْنِيَّةٌ فَلَا يَمْتَزِجُ بِالْمَاءِ فَيَكُونُ مُجَاوِرًا وَنَوْعًا لَا دُهْنِيَّةَ فِيهِ فَيَكُونُ مُخَالِطًا وَيُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ عَلَى ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (لِإِمْكَانِ فَصْلِهِ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعْرِيفِ الْمُجَاوِرِ بِمَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ، وَقِيلَ هُوَ مَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ، فَالْمُخَالِطُ مَا لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ لَا حَالًا وَلَا مَآلًا، فَخَرَجَ التُّرَابُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فَصْلُهُ بَعْدَ رُسُوبِهِ عَلَى الْأَوَّلِ، أَوْ مَا لَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ، فَدَخَلَ التُّرَابُ فِي الْمُخَالِطِ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ. وَالْحَقُّ أَنَّ التُّرَابَ لَهُ حَالَتَانِ: حَالَةُ إلْقَاءٍ وَحَالَةُ رُسُوبٍ. فَفِي حَالَةِ إلْقَائِهِ مُخَالِطٌ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ، وَفِي حَالَةِ رُسُوبِهِ مُجَاوِرٌ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فَصْلُهُ، وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا يَشْهَدُ لَهُ ع ن. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَكُونُ مُجَاوِرًا ابْتِدَاءً وَدَوَامًا كَالْأَحْجَارِ أَوْ دَوَامًا كَالتُّرَابِ أَوْ ابْتِدَاءً لَا دَوَامًا كَوَرَقِ