خَتَمْنَا بِالْعِتْقِ كِتَابَنَا نَرْجُو أَنْ تَعْتِقَ مِنْ النَّارِ رِقَابَنَا وَأَنْ تَجْعَلَ الْجَنَّةَ مَآبَنَا وَأَنْ يَسْهُلَ عِنْدَ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ جَوَابُنَا، وَإِلَى رِضْوَانِك إيَابُنَا، اللَّهُمَّ بِفَضْلِك حَقِّقْ رَجَاءَنَا وَلَا تُخَيِّبْ دُعَاءَنَا بِرَحْمَتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَبِيرًا إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَيْسَتْ عَنْ قَصْدٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ شِيَمٍ) أَيْ طِبَاعٍ وَعَادَاتٍ.
قَوْلُهُ: (قَالِصًا) أَيْ زَائِلًا أَيْ لَا وُجُودَ لَهُ وَقَالَ م د: قَوْلُهُ قَالِصًا أَيْ
مَعْدُومًا وَالْمُرَادُ ظِلٌّ غَيْرُ الْعَرْشِ. فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ أَيْ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ هُوَ الظِّلُّ الْمُكْتَسَبُ لِلْمَخْلُوقَاتِ، وَأَمَّا الظِّلُّ الْمَوْجُودُ لِلسَّبْعَةِ وَغَيْرِهِمْ فَهُوَ بِمَحْضِ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: ٣٠] فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَكَلَامُنَا فِيمَا قَبْلَ دُخُولِهَا.
قَوْلُهُ: (قَبُولُ الْقَبُولِ) أَثْبَتَ لِلْقَبُولِ قَبُولًا مُبَالَغَةً لِإِرَادَةِ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْقَبُولِ. اهـ م د.
قَوْلُهُ: (مَسْئُولٌ) أَيْ مَنْ يُسْأَلُ وَقَوْلُهُ: وَأَعَزُّ مَأْمُولٍ. أَيْ أَعْلَى مَنْ يُؤْمِنُ.
قَوْلُهُ: (أَنْ تُعْتِقَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ. وَقَوْلُهُ رِقَابَنَا أَيْ أَبْدَانَنَا وَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ وَقَوْلُهُ مَآبَنَا أَيْ مَثْوَانَا وَمَصِيرَنَا اهـ.
قَوْلُهُ: (إلَى رِضْوَانِك) أَيْ مَحَلِّ رِضْوَانِك. قَوْلُهُ: (وَلَا تُخَيِّبْ دُعَاءَنَا) أَيْ بِرَدِّهِ بَلْ تَقْبَلُهُ بِفَضْلِك قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ خَابَ يَخِيبُ خَيْبَةً لَمْ يَظْفَرْ بِمَا طَلَبَ وَفِي الْمَثَلِ الْهَيْبَةُ خَيْبَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْهَيْبَةِ عَدَمُ الْإِقْدَامِ عَلَى الْأُمُورِ الْعِظَامِ بِأَنْ يَهَابَ الْإِقْدَامَ عَلَيْهَا وَخَيَّبَهُ اللَّهُ بِالتَّشْدِيدِ وَجَعَلَهُ خَائِبًا. وَالدُّعَاءُ بِضَمِّ الدَّالِ مَمْدُودٌ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ دَعَوْت اللَّهَ لَهُ وَعَلَيْهِ أَدْعُوهُ دُعَاءً فَهُوَ بِالضَّمِّ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْخَيْرِ أَوْ الشَّرِّ وَقَدْ سَمِعَ بَعْضُهُمْ فِي فُقَهَاءِ الْأَرْيَافِ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الدُّعَاءِ بِالضَّمِّ وَالدُّعَاءِ بِالْفَتْحِ فَيَجْعَلُونَ الْأَوَّلَ لِلْخَيْرِ وَالثَّانِيَ لِلشَّرِّ فَهُوَ فَرْقٌ بَاطِلٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَإِنَّمَا فَتْحُ الدَّالِ فِي الدُّعَاءِ لَحْنٌ بِلَا خِلَافٍ اهـ. قَالَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ ذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الْمُبَارَكِ ثَانِي شَهْرِ شَعْبَانَ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ اهـ.
وَهَذَا آخِرُ مَا أَرَادَ اللَّهُ جَمْعَهُ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَكَثْرَةِ الِاشْتِغَالِ وَتَوَالِي الْهُمُومِ عَلَى الِاتِّصَالِ وَتَرَادُفِ الْقَوَاطِعِ وَتَتَابُعِ الْمَوَانِعِ، وَعَدَمِ الْكُتُبِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تُرَاجَعَ فِي مِثْلِ هَذَا الشَّأْنِ، فَرَحِمَ اللَّهِ امْرَأً رَأَى عَيْبًا فَسَتَرَهُ وَزَلَلًا فَغَفَرَهُ، أَوْ وَهُمَا فَحَلَمَ عَنْ صَاحِبِهِ وَعَذَرَهُ، فَإِنَّهُ قَلَّ أَنْ يَخْلُصَ مُصَنَّفٌ مِنْ الْهَفَوَاتِ أَوْ يَنْجُوَ مُؤَلَّفٌ مِنْ الْعَثَرَاتِ مَعَ عَدَمِ تَأَهُّلِي لِذَلِكَ وَقُصُورِي عَنْ الْوُصُولِ إلَى مَا هُنَالِكَ وَإِنِّي أَبْرَأُ إلَى اللَّهِ مِمَّا زَلَّ بِهِ الْبَنَانُ أَوْ أَخَلَّ بِهِ الْبَيَانُ. اللَّهُمَّ إنَّا نَمُدُّ إلَيْك أَكُفَّ الْفَاقَةِ وَالِافْتِقَارِ، أَنْ تَمْحُوَ مِنْ صَحَائِفِنَا مَا سَطَّرَتْهُ يَد الْأَوْزَار، فَإِنَّا فِي كَثِيرٍ مِمَّا تَقَدَّمَ وَاقِعُونَ، وَلِنَوَاهِيك مُرْتَكِبُونَ، وَنَحْنُ إلَيْك تَائِبُونَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ جَمْعِهِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ الْمُبَارَكِ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ شَوَّالٍ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ ثَمَانِيَةٍ وَمِائَتَيْنِ وَأَلْفٍ عَلَى يَدِ جَامِعِهِ تُرَابِ الْأَقْدَامِ، كَثِيرِ الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ، مُنْكَسِرِ الْخَاطِرِ، لِقِلَّةِ الْعَمَلِ وَالتَّقْوَى الرَّاجِي مِنْ اللَّهِ الْعَفْوَ عَنْ السَّيِّئَاتِ وَالرَّفْعَ فِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ عُثْمَانَ ابْنِ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ سُلَيْمَانَ بْنِ حِجَازِيِّ بْنِ عُثْمَانَ السُّوَيْفِيِّ الشَّافِعِيِّ تِلْمِيذِ مَوْلَانَا وَأُسْتَاذِنَا شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ سُلَيْمَانَ الْبُجَيْرِمِيِّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُمْ. (ثُمَّ فَرَغْت) مِنْ تَبْيِيضِهِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ سَادِسَ شَهْرِ شَوَّالٍ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ إحْدَى عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ وَأَلْفٍ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ اخْتِمْ لَنَا بِخَاتِمَةِ السَّعَادَةِ يَا كَرِيمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute