وَشَرْعًا: قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي بَيَانُهُ وَذِكْرُهَا فِي التَّرْجَمَةِ مِنْ زِيَادَتِي (يَجِبُ كُلٌّ) مِنْهُمَا: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧] وقَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] .
ــ
[حاشية الجمل]
الْحِجَّةِ وَلَمْ يَقُولُوا ذَوُو الْحِجَّةِ عَلَى وَاحِدَةٍ، وَالْحَجِيجُ: الْحُجَّاجُ جَمْعُ حَاجٍّ مِثْلُ: غَازٍ وَغُزَاةٍ وَعَادٍ وَعُدَاةٍ مِنْ الْعَدْوِ بِالْقَدَمِ، وَامْرَأَةٌ حَاجَّةٌ وَنِسْوَةٌ حَوَاجُّ بَيْتِ اللَّهِ بِالْإِضَافَةِ إنْ كُنَّ قَدْ حَجَجْنَ فَإِنْ لَمْ يَكُنَّ حَجَجْنَ قُلْت: حَوَاجُّ بَيْتَ اللَّهِ بِنَصْبِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّك تُرِيدُ التَّنْوِينَ فِي حَوَاجَّ إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْصَرِفُ كَمَا تَقُولُ: هَذَا ضَارِبُ زَيْدٍ أَمْسِ، وَضَارِبٌ زَيْدًا غَدًا فَيَدُلُّ بِحَذْفِ التَّنْوِينِ مِنْ ضَارِبٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ ضَرَبَ وَبِإِثْبَاتِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْ، وَالْحُجَّةُ: الْبُرْهَانُ وَحَاجَّهُ فَحَجَّهُ مِنْ بَابِ رَدَّ أَيْ غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ وَفِي الْمَثَلِ: " لَجَّ فَحَجَّ " فَهُوَ رَجُلٌ مِحْجَاجٌ بِالْكَسْرِ أَيْ جَدِلٌ، وَالتَّحَاجُّ التَّخَاصُمُ، وَالْمَحَجَّةُ بِفَتْحَتَيْنِ جَادَّةُ الطَّرِيقِ اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا فِي بَابِ الرَّاءِ وَاعْتَمَرَ زَارَ وَاعْتَمَرَ فِي الْحَجِّ اهـ. (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا قَصْدُ الْكَعْبَةِ) أَيْ مَعَ فِعْلِ أَعْمَالِ الْحَجِّ اهـ. ع ش فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَجَّ الشَّرْعِيَّ قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْقَاصِدُ بِالنُّسُكِ أَيْ بِالْأَرْكَانِ فَإِذَا قَصَدَهَا أَيْ الْكَعْبَةَ لِلنُّسُكِ يُقَالُ لَهُ حَجَّ وَإِنْ كَانَ مَاكِثًا فِي بَيْتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَفِي شَرْحِ م ر وَهَذَا التَّعْرِيفُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ نَفْسُ الْأَفْعَالِ الْآتِيَةِ وَاسْتَدَلَّ بِخَبَرِ «الْحَجُّ عَرَفَةَ» وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلْغَالِبِ الْأَوَّلُ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ يَكُونُ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ بِزِيَادَةٍ وَلَا دَلَالَةَ لَهُ فِي الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ عَرَفَةُ لَكِنْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: أَرْكَانُ الْحَجِّ خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذِهِ أَرْكَانٌ لِلْمَقْصُودِ لَا لِلْقَصْدِ الَّذِي هُوَ الْحَجُّ فَتَسْمِيَتُهَا أَرْكَانُ الْحَجِّ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ اهـ.
(فَرْعٌ)
وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا فِي مُخَاطَبَاتِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ مِنْ قَوْلِهِمْ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ يَا حَاجُّ فُلَانُ تَعْظِيمًا لَهُ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَوْ لَا، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى يَا حَاجُّ فُلَانُ يَا مَنْ أَتَى بِالنُّسُكِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِيَا حَاجُّ فُلَانُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ وَقَصَدَ بِهِ مَعْنًى صَحِيحًا كَأَنْ أَرَادَ بِيَا حَاجُّ يَا قَاصِدَ التَّوَجُّهِ إلَى كَذَا كَالْجَمَاعَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا حُرْمَةَ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَشَرْعًا قَصْدُ الْكَعْبَةِ. . . إلَخْ) أَقُولُ الْمُوَافِقُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالصَّلَاةِ وَلِقَوْلِهِمْ أَرْكَانُ الْحَجِّ وَسُنَنُ الْحَجِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْحَجُّ شَرْعًا عِبَارَةً عَنْ الْأَعْمَالِ الْمَخْصُوصَةِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ قَالَ: إنَّهُ نَفْسُ الْأَعْمَالِ مُخَالِفًا لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ الْقَصْدُ الْمَذْكُورُ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَجَابَ عَنْ قَوْلِهِمْ أَرْكَانُ الْحَجِّ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَرْكَانُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَكَلُّفٌ بَعِيدٌ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: لِلنُّسُكِ الْآتِي بَيَانُهُ) قَيْدٌ مُخْرِجٌ لِلْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْأَتْي فِيهَا فَمَا وَعَدَ بِإِتْيَانِهِ فِي كُلِّ قَيْدٍ مُخْرِجٌ لِلْآخَرِ فَسَقَطَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ اتِّحَادِهِمَا اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْعُمْرَةُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَبِفَتْحٍ فَسُكُونٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُفْعَلُ فِي الْعُمُرِ كُلِّهِ «وَاعْتَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَ عُمَرَ وَقِيلَ: أَرْبَعًا عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ وَعُمْرَةُ الْقَضَاءِ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَعُمْرَةُ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ حِينَ قَسَّمَ الْغَنَائِمَ وَعُمْرَةُ حَجَّتِهِ» وَمِيقَاتُ الْجَمِيعِ الْجِعْرَانَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ: وَمِيقَاتُ الْجَمِيعِ الْجِعْرَانَةِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمَا ثَبَتَ أَنَّ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَكَذَلِكَ عُمْرَةُ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهَا مِيقَاتُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَمَّا عُمْرَةُ الْحَجِّ فَيَتَوَقَّفُ بَيَانُ مِيقَاتِهَا عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّ قَارِنًا أَوْ مُفْرِدًا فَإِنْ كَانَ قَارِنًا فَيَكُونُ قَدْ أَحْرَمَ بِهَا مَعَ الْحَجِّ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَبَسْطُ ذَلِكَ يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْمَوَاقِيتِ وَأَرْكَانِ الْحَجِّ نَعَمْ كَلَامُهُ مُسَلَّمٌ فِي عُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ وَكَانَتْ فِي سَابِعَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ حِينَ رُجُوعِهِ مِنْ غَزْوَةِ الطَّائِفِ وَحُنَيْنٍ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ فِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ: وَالصَّوَابُ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ وَخُصَّ بِجَوَازِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِلْحَاجَةِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْتَمِرْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عُمْرَةً مُفْرَدَةً اهـ. وَنَقَلَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ عَنْ الْمَجْمُوعِ فَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ تَكُونَ عُمَرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: هِيَ لُغَةً الزِّيَادَةُ) وَقِيلَ: الْقَصْدُ إلَى مَكَان عَامِرٍ اِ هـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: يَجِبُ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا أَصْلَانِ فَلَا يُغْنِي الْحَجُّ عَنْ الْعُمْرَةِ وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا أَغْنَى الْغُسْلُ عَنْ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ بَدَلٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ كَانَ وَاجِبًا لِكُلِّ صَلَاةٍ فَسَقَطَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدَثِ الْأَصْغَرِ تَخْفِيفًا فَصَارَ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَدَلًا عَنْهُ ثُمَّ جَعَلَ التَّيَمُّمَ بَدَلًا عَنْ الْوُضُوءِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ ثُمَّ سَقَطَ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَبَقِيَ التَّيَمُّمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَلَى الْأَصْلِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧] فَسَّرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالزَّادِ، وَالرَّاحِلَةِ وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّ يَجِبُ عَلَى الْجِنِّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ النَّاسِ هَلْ هُوَ مِنْ التَّأَنُّسِ أَوْ مِنْ الْأُنْسِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ بِرْمَاوِيٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute