هُوَ لُغَةً: الْقَصْدُ، وَشَرْعًا: قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي بَيَانُهُ (وَالْعُمْرَةِ) هِيَ لُغَةً: الزِّيَادَةُ.
ــ
[حاشية الجمل]
وَرُوِيَ أَنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَجَّ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ الْهِنْدِ مَاشِيًا وَأَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لَهُ: إنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانُوا يَطُوفُونَ بِهَذَا الْبَيْتِ قَبْلَك سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَلَمَّا فَرَغَ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ بِنَائِهِ الْبَيْتَ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فَقَالَ يَا رَبِّ وَمَا يَبْلُغُ صَوْتِي فَقَالَ: أَذِّنْ وَعَلَيَّ الْبَلَاغُ فَنَادَى إبْرَاهِيمُ عَلَى الْمَقَامِ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَسَمِعَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى مَنْ فِي الْأَصْلَابِ وَالْأَرْحَامِ فَمَنْ أَجَابَ مَرَّةً حَجَّ مَرَّةً وَمَنْ أَجَابَ مَرَّتَيْنِ حَجَّ مَرَّتَيْنِ وَمَنْ أَجَابَ ثَلَاثًا حَجَّ ثَلَاثًا وَمَنْ أَجَابَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ حَجَّ بِعَدَدِهِ وَفُرِضَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ عَلَى الرَّاجِحِ.
وَقِيلَ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْفَرْضَ وَقَعَ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ، وَالطَّلَبَ إنَّمَا تَوَجَّهَ فِي السَّادِسَةِ وَقِيلَ فُرِضَ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ وَقِيلَ التَّاسِعَةِ وَقِيلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ «وَبَعَثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمِيرًا عَلَى الْحَجِّ سَنَةَ تِسْعٍ فَحَجَّ بِالنَّاسِ وَتَأَخَّرَ مَعَهُ مَيَاسِيرُ الصَّحَابَةِ كَعُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مِنْ غَيْرِ شُغْلٍ بِحَرْبٍ وَلَا عَدُوٍّ حَتَّى حَجُّوا مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَةَ عَشْرٍ وَهِيَ حَجَّةُ الْوَدَاعِ» «وَحَجَّ وَاعْتَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا قَبْلَ الْهِجْرَةِ حِجَجًا وَعُمَرًا لَا يُعْرَفُ عَدَدُهَا» لَكِنْ صَحَّ أَنَّهُ حَجَّ قَبْلَ الْهِجْرَةِ حَجَّتَيْنِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَيَكْفُرُ جَاحِدُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَالِ، وَالْبَدَنِ إلَّا الصَّلَاةَ فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْهُ خِلَافًا لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَجَّ الصَّحِيحَ أَيْ الْمَبْرُورَ وَاَلَّذِي لَمْ يُخَالِطْهُ ذَنْبٌ مِنْ حِينِ إحْرَامِهِ إلَى تَحَلُّلِهِ يُكَفِّرُ الصَّغَائِرَ اتِّفَاقًا وَالْكَبَائِرَ عَلَى الرَّاجِحِ حَتَّى التَّبِعَاتِ لَكِنْ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا وَيُكَفِّرُ الرَّفَثَ وَالْفُسُوقَ أَمَّا إذَا عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ وَأَدَاءُ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَفِي حَجّ مَا نَصُّهُ «وَحَجَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ حِجَجًا لَا يُدْرَى عَدَدُهَا» وَتَسْمِيَتُهُ هَذِهِ حِجَجًا إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ إذْ لَمْ تَكُنْ عَلَى قَوَانِينِ الْحَجِّ الشَّرْعِيِّ بِاعْتِبَارِ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ النَّسِيءِ وَغَيْرِهِ بَلْ قِيلَ فِي حِجَّةِ أَبِي بَكْرٍ فِي التَّاسِعَةِ ذَلِكَ لَكِنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَأْمُرُ إلَّا بِحَجٍّ شَرْعِيٍّ وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّامِنَةِ الَّتِي أَمَّرَ فِيهَا عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ أَمِيرَ مَكَّةَ وَبَعْدَهَا حَجَّةُ الْوَدَاعِ لَا غَيْرُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: وَحَجَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. . . إلَخْ قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ أَنَّ حَجَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ لَمْ يَكُنْ حَجًّا شَرْعِيًّا وَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا اهـ. أَقُولُ وَقَدْ يُقَالُ لَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ النُّبُوَّةِ قَبْلَ فَرْضِهِ لَمْ يَكُنْ شَرْعِيًّا بِهَذَا الْوَجْهِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فَيُحْمَلُ قَوْلُ حَجّ إذْ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَوَانِينِ الشَّرْعِ. . . إلَخْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى قَوَانِينِ الشَّرْعِ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَأَمَّا فِعْلُهُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِوَحْيٍ بَلْ بِإِلْهَامٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَكُنْ شَرْعِيًّا بِهَذَا الْمَعْنَى لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْعٍ إذْ ذَاكَ وَلَكِنَّهُ كَانَ مَصُونًا كَسَائِرِ أَفْعَالِهِ عَنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ الْبَاطِلَةِ وَقَوْلُهُ: فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ مَكَّةَ إنَّمَا فُتِحَتْ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ فَبَعَثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ لِيَحُجَّ بِالنَّاسِ فِي التَّاسِعَةِ وَحَجَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْعَاشِرَةِ وَقَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ لَمْ يَكُنْ الْمُسْلِمُونَ مُتَمَكِّنِينَ مِنْ الْحَجِّ إلَّا أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِمَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ عَنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْفَرِيضَةَ قَدْ تَنْزِلُ وَيَتَأَخَّرُ الْإِيجَابُ لَكِنْ فِي كَلَامِ ز ي مَا يُخَالِفُ هَذَا الْجَوَابَ حَيْثُ قَالَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَقْوَالِ بِأَنَّ الْفَرْضَ وَقَعَ سَنَةَ خَمْسٍ، وَالطَّلَبَ إنَّمَا تَوَجَّهَ سَنَةَ سِتٍّ «وَبَعَثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ سَنَةَ تِسْعٍ فَحَجَّ بِالنَّاسِ» اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ أَيْضًا عَنْ كَلَامِ ز ي بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْمُبَاشَرَةِ الِاسْتِطَاعَةُ كَمَا يَأْتِي وَهِيَ لَمْ تَحْصُلْ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ فَعَدَمُ فِعْلِهِمْ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِمْ لَا لِعَدَمِ الطَّلَبِ اِ هـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً الْقَصْدُ) وَقِيلَ كَثْرَتُهُ إلَى مَا يُعَظَّمُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِك حَجَجْته إذَا آتَيْته مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى لَكِنَّ الْأَشْهَرَ الْأَوَّلُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا هُوَ لُغَةً: الْقَصْدُ) أَيْ وَالزِّيَارَةُ وَقَوْلُهُ: وَهِيَ لُغَةً الزِّيَارَةُ أَيْ، وَالْقَصْدُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا لُغَةً الْقَصْدُ، وَالزِّيَارَةُ اهـ. ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ وَفِي الْمُخْتَارِ فِي بَابِ الْجِيمِ الْحَجُّ فِي الْأَصْلِ: الْقَصْدُ وَفِي الْعُرْفِ قَصْدُ مَكَّةَ لِلنُّسُكِ وَبَابُهُ رَدَّ فَهُوَ حَاجٌّ وَجَمْعُهُ حَجٌّ بِالضَّمِّ كَبَاذِلٍ وَبُذُلٍ، وَالْحِجُّ بِالْكَسْرِ الِاسْمُ، وَالْحِجَّةُ أَيْضًا بِالْكَسْرِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَهِيَ مِنْ الشَّوَاذِّ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ الْفَتْحُ، وَالْحِجَّةُ أَيْضًا السَّنَةُ، وَالْجَمْعُ، وَالْحِجَجُ بِوَزْنِ الْعِنَبِ وَذُو الْحِجَّةِ بِالْكَسْرِ شَهْرُ الْحَجُّ وَجَمْعُهُ ذَوَاتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute