للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ عَنْهُ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالرِّضَا وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ وَيُعْذَرُ فِي تَأْخِيرِهِ بِجَهْلِهِ إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ

ــ

[حاشية الجمل]

الرَّدُّ بِعَيْبٍ آخَرَ، وَلَا فِي مُشْتَرٍ أَجَّرَ، ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِهِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ اهـ. شَرْحُ م ر.

وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ يُخَالِطُنَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَيْ مُخَالَطَةً تَقْضِي الْعَادَةُ بِمَعْرِفَتِهِ ذَلِكَ فَلَا يُعْذَرُ، وَقَدْ وَقَعَ لِلشَّارِحِ فِي مَحَالَّ أَنَّهُ يُعْذَرُ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا وَمَشَى عَلَيْهِ حَجّ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْمَوَاضِعَ الَّتِي قِيلَ بِعُذْرِهِ فِيهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِبَادَاتِ أَوْ مَا يَرْجِعُ إلَيْهَا وَمَا قِيلَ فِيهِ بِعَدَمِ الْعُذْرِ كَهَذَا الْمَوْضِعِ مَحْمُولٌ عَلَى خِلَافِهَا كَالْمُعَامَلَاتِ فَإِنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ خَفَائِهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي ذِمِّيٍّ اشْتَرَى، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى الْكُفْرِ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَتَرَكَ الرَّدَّ لِجَهْلِهِ، وَهُوَ مُخَالِطٌ لَنَا فَلَا يُعْذَرُ.

وَعِبَارَةُ حَجّ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَكَانَ مُخَالِطًا لَنَا قَبْلَ إسْلَامِهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ كَانَ مُخَالِطًا لَنَا وَهُوَ بَاقٍ عَلَى كُفْرِهِ يَكُونُ مَسْكُوتًا عَنْهُ فَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِمَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ وَكَانَ مُخَالِطًا لَنَا بِأَنَّهُ فِي حَالَةِ كُفْرِهِ لَمْ يَلْتَزِمْ جَمِيعَ أَحْكَامِنَا، لَكِنْ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَقَوْلُهُ فِي مُدَّةٍ لَا تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ مَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُدَّةَ لَوْ كَانَتْ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَطَلَبَ الْبَائِعُ تَأْخِيرَهُ إلَيْهَا وَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي سَقَطَ حَقُّهُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا وَقَعَ بِطَلَبِ الْبَائِعِ فَلَمْ يُنْسَبْ الْمُشْتَرِي فِيهِ إلَى الرِّضَا بِالْعَيْبِ وَمَفْهُومُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ إزَالَتُهُ فِي مُدَّةٍ تُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِتَأْخِيرِهِ إلَيْهَا سَقَطَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْمُدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَيَوْمٍ وَنَحْوِهِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ صَرَّحَ بِإِسْقَاطِهِ أَيْ الرَّدِّ فِي الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ مَعًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ حَجّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْمَغْصُوبَ وَصَرَّحَ بِمَا ذَكَرَ فِي الْآبِقِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أُسْقِطَ الرَّدُّ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ سَقَطَ، وَإِنْ عُذِرَ بِالتَّأْخِيرِ وَلَعَلَّ حِكْمَةَ ذَلِكَ خُرُوجُهُ عَنْ يَدِهِ فِيهِمَا، وَقَوْلُهُ فَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ آخَرَ شَامِلٌ لِمَا لَوْ عَلِمَ بِالْعَيْبَيْنِ مَعًا فَطَلَبَ الرَّدَّ بِأَحَدِهِمَا فَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ فَلَهُ الرَّدُّ بِالْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ بِهِ قَبْلَ، وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الرَّدِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّ عَدَمَ إعْلَامِ الْبَائِعِ بِهِ تَقْصِيرٌ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ طَلَبَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْأَوَّلِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِالْمَبِيعِ.

وَقَوْلُهُ وَلَا فِي مُشْتَرٍ أَجَّرَ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ إلَخْ، أَيْ وَأَمَّا لَوْ رَضِيَ بِهِ فَيَأْخُذُهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَحَالَفَا وَفَسَخَ الْبَيْعَ وَكَانَ أَجَّرَهُ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ، وَلَوْ كَانَ هُوَ الْفَاسِخَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْسَخْ لَفَسَخَهُ غَيْرُهُ فَكَأَنَّهُ مُكْرَهٌ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ رَضِيَ بِهِ اخْتِيَارًا لَكِنْ يَرِدُ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ الْإِقَالَةُ بِلَا سَبَبٍ فَإِنَّهُ إذَا أَقَالَهُ الْبَائِعُ وَوَجَدَ الْمَبِيعَ مُؤَجَّرًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُقِيلَ لَمَّا كَانَتْ الْإِقَالَةُ مَطْلُوبَةً مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا تُسَنُّ فِي حَقِّهِ كَانَ مُحْسِنًا فَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ، وَأَيْضًا فَالْإِقَالَةُ لَمَّا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِهَا أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بَلْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ أَشْبَهَتْ الْعُقُودَ، وَقَوْلُهُ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَيْ وَإِنْ طَالَتْ كَتِسْعِينَ سَنَةً حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لِلْمَبِيعِ فِيهَا عَيْبٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْإِجَارَةِ لِلْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِلُحُوقِ الضَّرَرِ بِأَخْذِهِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ لَكِنْ قَيَّدَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بِقَوْلِهِ أَيْ لِغَيْرِ الْبَائِعِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُمْكِنُ الْمُشْتَرِيَ فَسْخُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ لِيُتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى رَدِّ الْعَيْنِ مَعَ مَنْفَعَتِهَا لِلْبَائِعِ لَمْ يَلْزَمْ بِالصَّبْرِ إلَى فَرَاغِ الْمُدَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ مَا فِيهِ اهـ. ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ عَنْهُ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالرِّضَا) أَيْ بِعَيْبِهِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ، وَقَالَ رَضِيت بِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَعِيبٌ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِهِ لَمْ يُصَادِفْ مَحِلًّا اهـ. بِرْمَاوِيٌّ، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْفَوَائِدَ الْحَاصِلَةَ مِنْهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ فَيَجِبُ رَدُّهَا، وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِهِ مَعِيبًا وَأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِيهِ بِهِ بِبَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِعَيْبِهِ بَاطِلٌ. وَالظَّاهِرُ خِلَافُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ فِي الشِّقَّيْنِ وَأَنَّ الْمُرَادَ لَا يَمْلِكُهُ مِلْكًا مُسْتَقِرًّا إلَّا بِالرِّضَا اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْوَاوِ اهـ. ح ل أَيْ؛ لِأَنَّهُ عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَيُعْذَرُ فِي تَأْخِيرِهِ بِجَهْلِهِ) أَيْ بِجَهْلِ أَنَّ الْعَيْبَ يُثْبِتُ الرَّدَّ إنْ قَرُبَ إسْلَامُهُ أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ خَالَطْنَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ (وَقَوْلُهُ وَبِجَهْلِ فَوْرِيَّتِهِ) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ اهـ. ح ل وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا اهـ. ع ش عَلَى م ر وَمُقْتَضَى قَوْلِ الشَّارِحِ إنْ خَفِيَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَنَّهُ يُعْذَرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَوْ كَانَ مُخَالِطًا لِأَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَخْفَى عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>