قال:(وجه الأول: أول طاعة واجبة لله على الخلق اكتساب الإرادة للنظر المؤدي إلى إثبات المعاني وحدوثها، وأن الجواهر لم تسبقها، وإذا كان ذلك أول الواجبات، وجب أن يكون أول النعم عليه من النعم الدينية) .
قال:(وأعظم نعمة الله على المؤمنين من النعم الدينية وأجلها: كتب الإيمان في قلوب المؤمنين) .
قال:(وقد قيل: أعظم النعم الدينية هي: خلق القدرة على الإيمان، والأول أشبه.
فإن أعظم الطاعات هو الإيمان، فإنه بوجوده والموافاة به يحصل الثواب الدائم في الآخرة، وإذا لم يوجد لا يحصل ذلك.
ثم قالوا: - وهذا لفظ القاضي أبي يعلى - خلافاً لمن قال: إن أول الواجبات المعرفة بالله، وخلافاً لمن قال: معرفة الله غير واجبة، وأن الواجب الإقرار به والتصديق له.
قال: (والدلالة على ما ذكرنا، أنه قد ثبت أن من لا يعرف الله لا يمكنه أن يتقرب إليه، كما أن من لا يعرف زيداً لا يمكنه أن يتقرب إليه.
لأن من شرط المتقرب أن يكون عارفاً بالمتقرب إليه، وليس بمشاهد لنا، ولا معلوم لنا ضرورة، فوجب ألا نعلمه إلا بالنظر والاستدلال في الطريق الموصل إليه، فلما لم تتم المعرفة إلا به، وجب أن يكون واجباً، وإذا وجب علم أنه أول الواجبات) .
ثم قال:(فصل) : وإذا ثبت أن أول الواجبات، فإنما يجب النظر في الطريق الموصل إلى معرفة الله، وهو حدوث الأشياء من الجواهر