فإن هؤلاء وأمثالهم سلكوا أولاً الطريقة التي وجدوها للمتكلمين الذي سلكوا مسلك الجهمية والمعتزلة.
فقالوا - وهذا لفظ القاضي أبي يعلى في المعتمد -: (إذا ثبت صحة النظر ووجوبه، فإن أول ما أوجب الله على خلقه العقلاء النظر والاستدلال المؤديين إلى معرفة الله تعالى) .
قال:(وقد قيل: إن أول الواجبات إرادة النظر والاستدلال المؤدي إلى معرفة الله تعالى) .
قلت: هذا قول أبي المعالي في إرشاده وذكر القاضي أبو بكر وغيره.
واختار القاضي أبو يعلى هذا في موضع آخر، فقال:(أول ما أنعم الله على المؤمنين - بعد الحياة - من النعم الدينية: خلق القدرة على الإرادة للنظر والاستدلال المؤديين إلى إثبات المعاني وحدوثها، وأن الجواهر لم تخل منها ولم تسبقها في الوجود الموصل له إلى معرفة الله تعالى) .
قال:(وقد قيل: أول نعمة دينية خلق القدرة على الإيمان) .