ابن أبى بردة أمير البصرة، وكان ثوبه إلى نصف ساقيه، قال له بلال: ما هذه الشهرة يابن واسع؟ فقال له ابن واسع: أنتم شهرتمونا، هكذا كان لباس من مضى، وإنما أنتم طولتم ذيولكم، فصارت السنة بينكم بدعة وشهرة أهـ (فتوسيع) الثوب وكبره، وتوسيع الكم وكبره ليس للرجل به حاجة " فيمنع مثل مازاد على الكعبين سواء بسواء، وإن كان للإنسان أن يتصرف فى ماله لكن تصرفا غير تام فهو محجور عليه، لأنه أبيح له أن يصرفه فى مواضع، ومنع من صرفه فى مواضع، فالمال فى الحقيقة ليس له وإنما هو فى يده على سبيل العارية على أن يصرفه فى كذا ولا يصرفه فى كذا. وهذا بين منصوص عليه فى القرآن والحديث. قال تعالى:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} آية ٧: الحديد. ونحوه من الآيات، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: يقول أحدكم مالى مالى، وليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، وما ليست فأبليت، وما تصدقت فأبقيت (١){١٧٥} ونحوه من الأحاديث، فما يفعلونه من الاتساع والكبر ليس مشروعا فيمنع.
(قال) ابن القاسم: بلغنى أن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه قطع كم رجل إلى أطراف أصابعه، ثم أعطاه فضل ذلك وقال له: خذ هذا واجعله فى حاجتك {٢٧}(قال) ابن رشد: إنما فعل سيدنا عمر رضىالله عنه هذا لأنه رأى أن الزيادة فى طول الكمين على قدر الأصابع مما لا يحتاج إليه، فرآه من السرف وخشى عليه أن يدخله منه عجب، فأين الحال من الحال؟ فإنا لله وإنا إليه راجعون.
(١) أخرجه أحمد ومسلم عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: يقوم ابن آدم مالى مالى. وهو لك بابن آدم من مالك الى ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت؟ أو تصدقت فأمضيت؟ رقم ٣٢٣١ ص ٣٩٣ ج ٢ كشف الخفاء وص ٩٤ ج ١٨ نووى مسلم (الزهد).