للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس عشر: التفضيل بالأنساب والأسباب، كتفضيل ذريته عليه السلام على جميع الذراري بسبب نسبهم المتصل برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

السادس عشر: التفضيل بالجدوَى والثمرة كتفضيل العالم على العابد، لأن العالِم يُفيضُ خيرَه على غيره، والعابدُ قصرَ خيره على نفسه. (٢٨٠).

السابع عشر: التفضيل بأعظمِ ثمرة وأكثرِها، وهذا كثمرة النحو واللغة، لكن النحو أعظم فائدة. (٢٨١)


(٢٨٠) عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من سلك طريقا يبْتَغي فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لَتضَعُ أجْنجتها رضاءً لطالب العلم (أي تكريما له)، وإن العالم لَيَستغفِرُ له مَن في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتانُ في الماء، فضْل العالِم على العابدِ كفضل القمَر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبباء، ان الأنبياء لم يُوَرِّثوا ديناراً وَلا درهما، إنما ورَّثوا العلم، فمن أخذ به أخَذَ بحظ وافِرٍ" (أيْ من أخذَ منهُ بقسطٍ وحظٍ أخذَ بنصيب عظيم ومكانةٍ عالية ودرجة رفيعة في الدنيا والاخرة. رواه أبو داود وكذا الترمذي، واللفظ له.
(٢٨١) قال القرافي هنا رحمه الله: "وذلك بأن تكون الحقيقتان، كلّ واحدة منهما لها ثمرة، وهي مثمرة، غيرَ أن إحدى الحقيقتين ثمرتها أعظم، وجدواها أكثْرُ، فتكون أفضل، وله أمثلة: أحدها الفِقه والهندسة، كلاهُمَا مثمر أحكاماً شرعية، لأن الهندسة يستعان بها في الحساب والمساحات، والحساب يدخل في المواريث وغيرها، والمساحات تدخل في الإجارات وغيرها. ثم ذكر القرافي هنا مسألتين، رأيتُ من الأنسب ذكرهما تتميما للفائدة عن ما فيهما من طول، فقال:
"ومِن نوادر المسائل الفقهية التي يدخل فيها الحساب، المسألة المحكية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
١) رذلك أن رجلين كان مع أحدهما خمسة أرْغفة، ومع الآخَر ثلاثة، فجلسا ياكلان، فجلس معهما ثالثٌ ياكل معهما، ثمّ بعد الفراغ من الاكل دفع لهما الذي أكَلَ معهما ثمانيةَ دراهم، وقال: إقْسِما هذه الدراهمَ على قدر ما أكلتُهُ لكما. فقال صاحب الثلاثة: إنهُ أكلَ نصف أكْلِهِ من أرغفتى ونصفَ أكله من أرغفتك، فأعطني النصفَ أربعةَ دراهم، فقال له الآخر: لا أعطيك إلا ثلاثة دراهم، لأنّ لي خمسة أرغفة، فآخُذُ خمسةَ دراهم، ولك ثلاثة أرغفة تاخذ ثلاثة دراهم، فحلف صاحب الثلاثة لا ياخذ إلا ما حكم به الشرع، فترافعا إلى علي رضي الله عنه، فحكم لصاحب الثلاثة بدرهم واحد، ولصاحب الخمسة بسبعة دراهم، فشكَا من ذلك صاحبُ الثلاثة، فقال له علي كرم الله وجهه: الأرغفة ثمانية، وأنتم ثلاثة، أكَل كلْ واحد منكم ثلاثة أرغفة إلَّا ثلثا، بقي لك ثلث من أرغفتك أكله صاحب الدراهم، وأكل صاحبك من أرغفته ثلاثةً إلَّا ثلثا، وهي. خمسة، يبقَى له رغيفان وثُلُث، وذلك سبعة أثلاث أكلها صاحب الدراهم، فأكل لك ثلثا، وله سبعةَ أثلاث، فيكون لك درهمٌ، وله سبعةُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>