(٢٨١) قال القرافي هنا رحمه الله: "وذلك بأن تكون الحقيقتان، كلّ واحدة منهما لها ثمرة، وهي مثمرة، غيرَ أن إحدى الحقيقتين ثمرتها أعظم، وجدواها أكثْرُ، فتكون أفضل، وله أمثلة: أحدها الفِقه والهندسة، كلاهُمَا مثمر أحكاماً شرعية، لأن الهندسة يستعان بها في الحساب والمساحات، والحساب يدخل في المواريث وغيرها، والمساحات تدخل في الإجارات وغيرها. ثم ذكر القرافي هنا مسألتين، رأيتُ من الأنسب ذكرهما تتميما للفائدة عن ما فيهما من طول، فقال: "ومِن نوادر المسائل الفقهية التي يدخل فيها الحساب، المسألة المحكية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ١) رذلك أن رجلين كان مع أحدهما خمسة أرْغفة، ومع الآخَر ثلاثة، فجلسا ياكلان، فجلس معهما ثالثٌ ياكل معهما، ثمّ بعد الفراغ من الاكل دفع لهما الذي أكَلَ معهما ثمانيةَ دراهم، وقال: إقْسِما هذه الدراهمَ على قدر ما أكلتُهُ لكما. فقال صاحب الثلاثة: إنهُ أكلَ نصف أكْلِهِ من أرغفتى ونصفَ أكله من أرغفتك، فأعطني النصفَ أربعةَ دراهم، فقال له الآخر: لا أعطيك إلا ثلاثة دراهم، لأنّ لي خمسة أرغفة، فآخُذُ خمسةَ دراهم، ولك ثلاثة أرغفة تاخذ ثلاثة دراهم، فحلف صاحب الثلاثة لا ياخذ إلا ما حكم به الشرع، فترافعا إلى علي رضي الله عنه، فحكم لصاحب الثلاثة بدرهم واحد، ولصاحب الخمسة بسبعة دراهم، فشكَا من ذلك صاحبُ الثلاثة، فقال له علي كرم الله وجهه: الأرغفة ثمانية، وأنتم ثلاثة، أكَل كلْ واحد منكم ثلاثة أرغفة إلَّا ثلثا، بقي لك ثلث من أرغفتك أكله صاحب الدراهم، وأكل صاحبك من أرغفته ثلاثةً إلَّا ثلثا، وهي. خمسة، يبقَى له رغيفان وثُلُث، وذلك سبعة أثلاث أكلها صاحب الدراهم، فأكل لك ثلثا، وله سبعةَ أثلاث، فيكون لك درهمٌ، وله سبعةُ =