(٨٤) جمع المؤلف الكسوفات باعتبار وقوعها في سنواتٍ: خلفة، أو باعتبار شمولها لخسوف القمر، فإنه يقال: كسفت الشمس وخسف القمر، ومن ذلك قوله تعالى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩) يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلَّا لَا وَزَرَ (١١) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} سورة القيامة، آلاَيات: ٧ - ١٢: كما يقال أيضا: انكسفت الشمس والقمر، وانخسفت الشمس والقمر، ومنه الحديث الصحيح الآتي: عن المغيرة رضي الله عنه قال: "انكسفت الشمس يوم ماتَ ابراهيم (ابنُ النبي - صلى الله عليه وسلم - من مارية القبطية، وذلك بالمدينة المنورة في رمضان من السنة العاشرة للهجرة)، فقال الناس: انكسفت لموت ابراهيم، ففال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت احد ولا لحياته، فاذا رأيتموها فادعو الله حتى تنجلى". وفي رواية، إن اهل الجاهلية كانوا يقوإون: إن الشمس والقمر لا ينخسفان إلّا لموتِ عظيم عن عظماء اهل الارض، وإنهما لا ينخسفان لوت احد ولا لحياته، ولكنهما خليقتان من خلْق الله، يُحْدِثُ الله في خلقه ما يشاء، فأيهما انخسف فصَلَّوا حتى ينجلي". وهكذا نجد استعمال كل من الكلمتين فيما يقع للشمس من كسوف وللقمر من خسوف، وأن كلا منهما في وجوده وحركته، وفي دورانه وَسبْحه في فلَكه، في تغيره حال كسوفه أو خسوفه، آيةٌ من آيات الله كما قال - صلى الله عليه وسلم -. وقد كشف علم الفلك والتوقيت وأبان أن الكسوف للشمس يقع ويحدث حينما يكون القمر حائلا بين الشمس والارض فيغطي جزءا منها ويحجب جزءا من نورها، فلا يصل ضؤوها إلى الارض، بينما الخسوف للقمر يقع حين تكون الارض بين الشمس والقمر وحول دون وصول جزء من نورها إليه. قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [يونس: ٥] وقال سبحانه: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: ٤٠]. وانظر شرح الزرقاني على الموطأ في ترجمة صلاة الكسوف.