للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبطله، وكذلك كثير لا يُبْطل المقصود، كثيرٌ يُبْطله، فهذه أربعة أقسام متقابلة.

أمّا القِسْم الأولُ وهو اليسير الذي يبطل المقصود فلا يضمن العين، وكذلك الكبير الذي لا يبطل المقصود وهو القسم الثالث، وأمّا القسْم الرابع فيخَيَّرُ فيه كما تقدم. وعلى القول بتضْمينه القيمةَ إذا أراد ربُّهُ أخْذَهُ وما نقصَه فذلك له عند مالك وابنِ القاسم. وقال محمد: لا شيء له، لأنهُ ملَك أن يضمنه فامتنع بذلك رضًا بنقصه.

وأمّا القسم الثاني، وهو اليسير الذي يُبطِلُ المقصود عادةً، فذلك يقتضي تضمينه كما تقدم في ذنَبِ بَغْلةِ القاضي، قال: ويستوي في ذلك المركوبات والملبوسات، هذا هو المشهور.

وعن مالك لا يضمنُ بذلك. وفرَّق ابن حبيب بين الذَنَبِ فيَضمَنُ، وبيْن الأذُنِ فلا يَضمنُ، لاختلاف السببيْن في ذلك. واتفقوا في حوالة الاسواق (١٣ م) على عدم التضمين، لأنها رغَبات الناس، فالنقص في رغبات الناس لا في المقصود.


(١٣ م) حوالة الاسواق كَلمة يراد بها في الاصطلاح والتعْبير الفقهي تَحَوُّل أثمان السلع في الأسواق، وتغَيُّرُ قِيمها بالارتفاع والانخفاض، والزيادة والنقصان فيها، تبعا لمرور الوقت وفارِقِ الزمن، وتبعا للجودة والرداءة، وللوفرة والقلة في السلعة، وهو في معْنى ما يُعَبَّرُ عنه في الاصطلاح الاقتصادي والقانون الوضعي بقانون العرض والطلب، أو غير ذلك من العوامل والأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي يكون لها أثر على تغير الاسواق وعلى حوالتها من حال إلى حال، زيادة أو نقصًا.
ويقال: حال بينه وبين الشيء إذا فصَل بينهما، ومنه الآية الكريمة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: ٢٤].
والكلمة هنا ماخوذة ومشتقة لغويا من مادَّة الفعل الثلاثي اللازم حالَ الشيْء يحوُل إذا تغَير عما كان عليه، وانتقَل من حال إلى حال. ومنه البيت الوارد في قصيدة غزلية للشاعر الاسلامي الشهير عمر بن أبي ربيعة القرشي المخزومي تحمل عنوان أول بيت في مطلعهما: "أمِنْ آل نُعْمٍ"، والتي يقول في الابيات الأوائل منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>