علماء المشرق، ويبرز مدى تمكنهم منه وتعمقهم فيه، وإسهامهم بالتأليف فيه بين تلك المؤلفات القيمة الخالدة التي ألفها علماء أجلاء في هذا العلم، وَدوَّنها فقهاء أعلام على اختلاف مذاهبهم الفقهية، وتنوُّعِ توجهاتهم العلمية، (أمثال قواعد الأحكام في مصالح الأنام) لسلطان العلماء عز الدين ابن عبد السلام، و (الأشباه والنظائر) لكل من الإِمامين، جلال الدين السيوطي، وابن نُجَيم الحنفي، وقواعد الفقيه الجليل ابْن رجب الحنبلي، (وأصول الفتيا في المذهب المالكي) للفقيه محمد بن حارث الخشني الأندلسي، والقواعد الفقهية للفقيه المغربي العلامة محمد المقري، والكليات للفقيه العلامة ابن غازي العثماني المكناسي، وشرح المنهج المنتخَب على قواعد المذهب، لمؤلفه الفقيه الشيخ أحمد المنجور، وغيرهم من العلماء الذين ألفوا في القواعد الفقهية وأصَّلُوها في مؤلفاتهم القيمة، سواء منهم علماء المشرق والمغرب، رحمهم الله أجمعين،
وإدراكا من وزارة الأوقاف والشؤون الإِسلامية لتلك الأهمية العلمية التي لكتاب ترتيب الفروق واختصارها بين تلك المؤلفات القيمة التي أشرت إلى بعضها، فقد ارتأت طبعه ضمن أمهات كتب التراث الإِسلامي والدراسات الإسلامية التي تطبعها وتُصْدِرها في مطلع شهر رمضان من كل عام، لتيسير الَاستفادة منه والانتفاع به من طرف السادة العلماء المتمكنين، والفقهاء والأساتذة المتخصصين، والدارسين الباحثين المهتمين بالفقه وأصوله وقواعده، وعهِدت إليّ بمراجعته وتحقيقه، فتَهَيَّبْتُ في أول الأمر القيام بمثل هذا العمل العلمي الهام، لما أعرف عن الكتاب من أنه كتاب كبير الحجم، مترامي الأطراف، واسع الموضوع والمجال، متعدد الجوانب، عميق الأسلوب، متضمن لعلوم كثيرة، ومصنفات عديدة، ومشتمل على أسماء وأعلام علمية وفيرة، جَعَلَتْ منه موسوعة علمية كبيرة في القواعد الفقهية وما يندرج تحتها من المسائل الجزئية، يتطلب تحقيقها جهدا كبيرا، وصبرا كثيرا متواصلا.
غير أني بعد التفكر والتأمل، استحضرت الكلمة المعروفة بين العلماء، والقائلَة:"ما لا يُدْرَكُ كله، لا يُترَك كله أو جُلُّه". فجددت الإِرادة وشحذتُ العزيمة، وشرعت في عمل التحقيق والمراجعة، متوكلا على الله تعالى، ومعتمدا عليه سبحانه سبحانه، ومستعينا به جلَّ علاه، وسائلا منه سبحانه العون والمدد،