الإشكال الأول على ما يقول الفقهاء: إن النذر لايؤثر إلا فى مندوب، ولا تأثير له في واجب، لانه لازم له قبل النذر، ولا في مباح، لأن صاحب الشرع لا يلزم أحدًا بفعل المباح، نذره أم لا. والمحرم والمكروه بطريق الأولى. وإذا كانت القاعدة أن النذر لا يؤثر إلا في راجح في نظر الشرع أشكل على ذلك إذا نذر أن يتصدق بشعير، فليس له أن يخرج عنه قمحا .. فيكون النذر قد أثر فيما ليس براجح في نظر الشرع. وقد علق ابن الشاط على هذا بقوله: ليس ذلك بصحيح، بل أثر النذر في راجح في نظر الشرع، من أجل أن كل ما ذكر منه مندوب إليه على الجملة، لا من جهة انه مندوب راجح، وإنما لم ينُبْ القمح عن الشعير، والصوم عن الصلاة لانه لم ينذر القمح والصاع، وإذا قدم القمح بدل الشعير أو فعل الصلاة بدل الصوم لكان قد خالف ما التزمه لله تعالى، وليس للندب اثر إلا في تصيير المندوب من حيث هو مندوب واجبا خاصة، وامتنعت نيابة الجنس الأعلى من العبادة عن الجنس الأدنى منها، وكذلك نيابة الجنس الأعلى من متعلق العبادة عن الجنس الأدنى منه لأن فيه مخالفة النذر، وجازت نيابة الصفة العليا من صفات متعلق العبادة عن الدنيا، لانه ليس في ذلك مخالفة للنذر. والفرق بين الأمرين: أن جنس العبادة أو متعلقها مما هو جنس، مقصود من مقاصد الشرع، وصفة متعلقها إنما هي صفة ليست مقصودة له، وعلى الصفة تتخرج مسألة ناذر الصلاة في المسجد الأقصى، فلا إشكال، والله أعلم.