وإيمان؛ فإن عنى به [أن](١) ما سبق به القدر من الكفر والإيمان لا يقع خلافه؛ فهذا حق، ولكن ذلك لا يقتضي أن تبديل الكفر بالإيمان ــ وبالعكس ــ ممتنع، ولا أنه غير مقدور، بل العبد قادرٌ على ما أمره الله به من الإيمان، وعلى ترك ما نهاه عنه من الكفر، وعلى أن يبدّل حسناته بالسيئات، وسيئاته بالحسنات، كما قال الله:{إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ}[النمل: ١١].
وهذا التبديل كله بقضاء الله وقدره، وهذا بخلاف ما فُطِروا عليه حين الولادة؛ فإن ذلك خَلْق الله الذي لا يقدر على تبديله غيرُه، وهو سبحانه لا يبدّله، بخلاف تبديل الكفر بالإيمان وبالعكس؛ فإنه يبدّله كثيرًا، والعبد قادرٌ على تبديله بإقدار الربّ له على ذلك.
ومما يوضح ذلك قوله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}[الروم: ٣٠]، فهذه فطرة محمودة، أَمَرَ الله بها نبيه، فكيف تنقسم إلى كفر وإيمان مع أَمْرِ الله تعالى بها؟!
وقد تقدم تفسير السلف:{لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} أي: لدين الله، أو النهي عن الخِصَاء ونحوه.
ولم يقل أحد منهم: إن المعنى: لا تبديل لأحوال العباد من كفر إلى إيمان وعكسه؛ فإن تبديل ذلك موجود، ومهما وقع كان هو الذي سبق به القدر، والرب تعالى عالم بما سيكون، لا يقع خلاف معلومه، فإذا وقع التبديل كان هو الذي علمه.