للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالذكر ويقضي لهم بالخلود (١)،كقوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: ٢٣]، وقوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} [النساء: ١٤].

ولكن مجرد ذكر الخلود والتأبيد لا يقتضي عدم النهاية، بل الخلود هو المكث الطويل، كقولهم: «قَيْد مُخَلّد» و «تأبيد كل شيء بحسبه»، فقد يكون التأبيد لمدة الحياة، وقد يكون لمدة الدنيا، قال تعالى عن اليهود: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} [البقرة: ٩٥]، ومعلوم أنهم يتمنّونه في النار حيث يقولون: {يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: ٧٧].

وإنما استفيد عدم انتهاء نعيم الجنة بقوله تعالى: {(٥٣) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ} [ص: ٥٤]، وقوله: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: ١٠٨]، وقوله: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [الإنشقاق: ٢٥]، أي غير مقطوع (٢)، ومَن قال: لا يُمَنُّ به عليهم، فقد أخطأ أقبح الخطأ. ولم يجئ مثل ذلك في عذاب أهل النار.

وقوله عز وجل: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: ١٦٧]، {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: ٤٨]، وقوله تعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر: ٣٦]، وقوله تعالى: {أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ} [السجدة: ٣٠] في موضعين من القرآن، وقوله: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: ٥٦] غير مصروف عن ظاهره وحقيقته على الصحيح.


(١) جملة: «وقد يفرد أهل الغضب بالذكر ويقضي لهم بالخلود» ساقطة من «د».
(٢) «د»: «أي مقطوع».