للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك على غير مشروع مجاور له، فلا يكون نسخًا، بل يكون نهيًا عن ذلك (١) الغير، لا عن الفعل المضاف إليه النهي، كالنهي عن الصلاة في الأرض المغصوبة، ونحوه (٢).

وإن (٣) لم يكن للأمة اتفاق على أحد الأمرين ويكون موضع الاختلاف فنقول: الحمل على النهي عن الغير أولى من الحمل على النسخ لوجهين:

أحدهما - أن في الحمل على النهي عن الغير يكون عملًا يدليل المشروعية، لسبق المشروعية على النهي، وعملا (٤) بحقيقة النهي في الغير، والعمل بالدليلين على وجه ليس فيه تعطيل شيء من الدليلين أولى من نسخ أحدهما وإبطال حكمه. ولا يقال: في العمل بدليل المشروعية ترك العمل بحقيقة النهي, لأن حقيقته العمل في المحل المضاف إليه - وفي الصرف إلى محل آخر مجاور له متصل به يكون بطريق المجاز، ونحن نعمل بحقيقة النهي فيما أضيف إليه (٥)، وبدليل المشروعية في بها وراء هذه الأيام (٦)، ونخصها


(١) "ذلك" ليست في ب.
(٢) في (أ) و (ب): "ونحوها".
(٣) لعل الصحيح: "وإذ".
(٤) كذا في (أ) و (ب). وفي الأصل: "وعمل".
(٥) أى نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم العيد وأيام التشريق. وانظر الهامش التالى.
(٦) لعل المقصود الأيام التي نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صومها وهي يوم العيد وأيام التثشريق (راجع فيما تقدم ص ٢٤١ س ٥ - ٦) والسرخي (الأصول ١: ٨٥) وفيه: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم العيد وأيام التشريق".
وفي السرخسي (الأصول، ١: ٨٨): "الصوم مشروع في كل يوم باعتبار أنه وقت اقتضاء الشهوة عادة، والصوم منع النفس عن اقتضاء الشهوة لابتغاء مرضاة الله تعالى، ويوم العيد كسائر الأيام في هذا، فكان الصوم مشروعًا فيه وبالنهي لم ينعدم هذا المعني، ثم النهي ليس لأنه صوم شرعي ولكن لما فيه من معنى رد الضيافة وإليه وقعت الإشارة في قوله عليه السلام: "فإنها أيام أكل وشرب" وهذا المعنى باعتبار صفة اليوم وهوانه يوم عيد فيثبت القبح في الصفة دون الأصل وهو أنه يكون حرام الأداء، والمؤدي يكون عاصيًا بارتكابه ما هو حرام ويبقى أصل القوم مشروعًا في الوقت لأنه مشروع باعتبار أكل اليوم ولا قبح فيه، ولهذا قلنا يصح التزامه بالنذر".