فقصدتها من خناصرة مع رجل صنافرة، يتبرد بالهجرة. فآدتني صحبته الغلوب حتى أدتني إلى اللغوب. فدخلت المدينة، كما تدخل الدلو العدنية. ونزلتها واهن العواهن لا خدن لي ولا عجاهن. وكان بدار منزلي السفلى، مدرسة حفلى. فكنت أزورها لماماً، وأقوم بها إماماً. حتى إذا كنت يوماً بمحرابها، بين أضرابها وأترابها. دخل شيخ كفيف، يقوده غلام خفيف. وهو قد اعتمر بصماد، وسدل له عذبه كالنجاد. فلما وقف بنا لاحت عليه الأريحية، وحياناً بأحسن التحية. ثم قال: حمداً لمن له الحمد والمنة، الذي جعل المدارس أبواب الجنة. أما بعد فإن الله قد أمر بالقراءة وأقسم بالقلم، وهو الذي علم به الإنسان ما لم يعلم. فلا جرم أن هذه الصناعة أرجح الصنائع وأربح البضائع. وعليها مدار