وجعل أعداء الحق وأنصار الباطل هذه المساجد - التي أعدت في الأصل لتكون منطلقات للحق - منطلقات للباطل هو نفس السيرة التي سار عليها المنافقون في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - باتخاذهم مسجد الضرار الذي اتخذوه معارضة ومضادة لمساجد المسلمين، وفي طليعتها مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومسجد قباء، وهم الذين قال الله تعالى فيهم:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}(١) .
والفرق بين من نزلت فيهم الآية وبين أعداء الحق في هذا الزمان من وجهين:
الوجه الأول: أن الذين نزلت فيهم الآية لم يكونوا حكاما للمسلمين، وإنما كانوا يتآمرون في الخفاء؛ لأن قيادة المسلمين كانت بيد الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولذلك أمر - صلى الله عليه وسلم - بإحراق ذلك المسجد وأراح المسلمين شر أعدائهم المتآمرين.