ائتني به. قال: والله لو كان تحت قدميَّ، ما رفعتهما عنه، فضربه بعصاً، فشجه، فأهوى هانئ إلى سيف شرطي يستلُّه، فمنعه. وقال: قد حل دمك، وسجنه، فطار الخبرُ إلى مذجج، (قبيلة هانئ) فإذا على باب القصر جلية، وبلغ مُسلماً الخبرُ، فنادى بشعاره، فاجتمع إليه أربعون ألفاً، فعبأهم، وقصد القصر، فبعث عُبيد الله إلى وجوه أهل الكوفة، فجمعهم عنده، وأمرهم، فأشرفوا من القصر على عشائرهم، فجعلوا يُكلمونهم، فجعلوا يتسللون حتى بقي مُسلم في خمس مئة، وقد كان كتب إلى الحُسين ليُسرع، فلما دخل الليل، ذهب أولئك، حتى بقي مسلم وحده يترددُ في الطرق، فأتى بيتاً! فخرجتْ إليه امرأة، فقال: اسقني، فسقته. ثم دخلتْ، ومكثت ما شاء الله، ثم خرجتْ، فإذا به على الباب، فقالت: يا هذا، إن مجلسك مجلسُ ريبة، فقُم؛ فقال: أنا مسلمُ بن عقيل، فهل عندك مأوى؟ قالت: نعم فأدخلته، وكان ابنها مولى محمد بن الأشعث، فانطلق إلى مولاه فأعلمه، فبعث عبيد الله الشُّرَطَ إلى مسلم؛ فخرج، وسل سيفه، وقاتل، فأعطاه ابن الأشعث أماناً، فسلم نفسه، فجاء به إلى عُبيد الله، فضرب عنقه وألقاه إلى الناس، وقتل هانئاً.
قال: وأقبل حسين على كتاب مسلم، حتى إذا كان على ساعةٍ من القادسية، لقيه رجل؛ فقال للحسين: ارجعْ، لم أدع لك ورائي خيراً، فهمَّ أن يرجع. فقال إخوةُ مسلم: والله لا نرجع حتى نأخذ بالثأر، أو نُقتل؛ فقال: لا خير في الحياة بعدكم. وسار. فلقيتهُ خيلُ عبيد الله، فعدل إلى كربلاء، وأسند ظهره إلى قصمياً حتى لا يقاتل إل من وجهٍ واحد، وكان معه خمسة وأربعون فارساً ونحو من مئة راجل.
وجاء عمر بن سعد بن أبي وقاص - وقد ولاه عبيد الله بن زياد على العسكر - وطلب من عبيد الله أن يعفيه من ذلك، فأبى، فقال الحسين: اختاروا واحدة من ثلاث؛ إما أن تدعوني فألحق بالثغور؛ وإما أن أذهب إليى يزيد، أو أُردَّ إلى المدينة. فقبل عمر ذلك، وكتب به إلى عبيد الله، فكتب إليه: لا ولا كرامة حتى يضع يده في يدي. فقال الحسين: لا والله؛ وقاتل، فقُتل أًحابه، منهم بضعة عشر شاباً من أهل بيته.
قال: ويجيء سهمٌ، فيقعُ بابنٍ له صغير، فجعل يمسحُ الدم عنه، ويقول: اللهم احكُمْ