قوله:(يصلي على ميت) جملة حالية، والميْت والميّت -بالتخفيف والتشديد- كهيْن وهيّن، وقوله:(فسمعت من دعائه) الفاء عاطفة و (من دعائه): من بيانية وتحتمل التبعيض، والهاء راجعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيحتمل أنه جهر بالدعاء على خلاف عادته ليسمعهم، ويحتمل أنه لم يجهر به ولكن عوفًا كان قريبًا منه فسمع كلامه، وذكر النووي أنه يحتمل أنه علّمه إياه بعد الصلاة، وفيه بُعد والله أعلم، لأن الصيغة لا تعطي ذلك، والحامل على هذا التأويل كون الدعاء على الجنازة عند أغلب العلماء سرًا لا جهرًا، كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى.
وقوله:(اللهم اغفر له) المغفرة: ستر الذنب وعدم المؤاخذة به، والعفو: المحو والخلو من الشيء، ومنه قول لبيد في خلو الديار من ساكنها:
عفا مجدل من أهله فمتالع ... فمطلا أريك قد خلا فالمصانع
أو: محوه وعدم المؤاخذة به، من قولهم: عفى الأثر؛ إذا محته الريح ونحوها، ومنه قول حسان:
عفت ذات الأصابع فالجواء ... إلى عذراء منزلها خلاء
ديار من بني الحسحاس قفر ... تعفيها الروامس والسماء
الروامس: هي الرياح، وتعفيها: تمحو معالمها وآثار أهلها.
قال في القاموس: العفو عَفْوُ الله -عز وجل- عن خلقه والصفح، وترك عقوبة المستحق: عفا عنه وعفا له وعن ذنبه، والمحو والامتحاء، قال الزبيدي: قال شيخنا: كون العفو لا يكون إلَّا عن ذنب، وإن اشتهر في التعارف غير صحيح؛ فإنه يكون بمعنى عدم اللزوم، وأصل معناه: الترك، وعليه تدور معانيه؛ فيفسّر في كل مقام بما يناسبه من عدم عقاب وترك إلزام. اهـ.
وقوله:(وأكرم نزله) النزل: ما يقدم للضيف عند قدومه، والمراد: كرامة الله لعباده المؤمنين عند قدومهم عليه، ومنه قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا