وملائكته والمؤمنين من أهل الأرض، ثم قالت ظئرى: يا يتيماه، استضعفت من بين أصحابك فقتلت لضعفك، قال: فانكبّوا علىّ وضمّونى إلى صدورهم، وقبّلوا رأسى وما بين عينىّ، يعنى الملائكة، وقالوا: حبّذا أنت من يتيم، ما أكرمك على الله، لو تعلم ما يراد بك من الخير لقرّت عيناك.
قال صلّى الله عليه وسلم: فوصلوا إلى شفير الوادى، يعنى الحىّ، قال: فلمّا أبصرتنى ظئرى، يعنى مرضعته، قالت: ألا أراك حيّا بعد؟ فجاءت انكبّت علىّ ثم ضمّتنى إليها وإنّ يدى لفى يد بعضهم، يعنى الملائكة.
قال: فجعلت أنظر إليهم، فظننت أنّ القوم ينظرونهم، فقال بعض القوم:
إنّ هذا الغلام قد أصابه لمم أو طائف من الجنّ، فانطلقوا به إلى كاهننا ينظر إليه ويداويه. قال النبىّ صلّى الله عليه وسلم: فقلت: يا هذا ما بى شئ ممّا تذكرون، إنّى أرانى سليما، وفؤادى صحيح، ليس بى غلبة، فقال أبى-وهو زوج ظئرى-:
ألا ترون كلامه كلاما صحيحا، إنّى لأرجو أن لا يكون با بنى بأس.
فاتّفقوا على أن يذهبوا بى إليه (١)، فلمّا قصّوا عليه قصّتى قال: اسكتوا حتى أسمع من الغلام فإنّه أعلم بأمره منكم. فسألنى فقصصت عليه أمرى من أوّله إلى آخره، فوثب إلىّ وضمّنى إلى صدره ونادى بأعلا صوته: يا للعرب، يا للعرب (١٨) اقتلوا هذا الغلام واقتلونى معه، فو اللاّت والعزّى لئن تركتموه وأدرك ليبدّلنّ دينكم وليسفّهنّ عقولكم وعقول آبائكم وليخالفنّ أموركم وليأتينّكم بدين لم تسمعوا بمثله.
فعمدت ظئرى فانتزعتنى من حجره، وقالت: لأنت أعته وأجنّ، ولو