للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٣٠١٨ - حدثنا يزيد بن سنان، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة (١)، ح

وحدثنا أبو قلابة، حدثنا هدبة بن خالد (٢)، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب أنَّ رسول الله قال: "كان فيمن كان قبلكم ملك، وله ساحر (٣)، فلما

⦗٣٥٩⦘

كبر الساحر قال للملك إنى قد كبرت سني ودنا أجلى، فادفع إلي غلاماً أعلمه السحر، فدفع إليه غلاما فعلمه، فكان بين الساحر وبين الملك راهب (٤)، فأتى الغلام على الراهب، فسمع كلامه فأعجبه، نحوه وكلامه، فكان إذا أتى الساحر جلس عند الراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، وقال له: ما حبسك؟ وكان إذا أتى أهله جلس عند الراهب، ضربه أهله، وقالوا: ما حبسك؟ فشكى ذلك إلى الراهب، فقال: إذا أراد الساحر أن يضربك فقل: حبسنى أهلي، وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل: حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذ أتى ذات يوم على دابة عظيمة فظيعة (٥)، قد حبست الناس، فلا يستطيعون أن يجوزوا، فقال: اليوم أعلم الساحر أحبّ إلى الله ﷿ أم الراهب، فأخذ حجرا، فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك وأرضى لك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة، حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها، ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب: أي بنى أنت اليوم أفضل مني، وإنك ستبتلى، فإن

⦗٣٦٠⦘

ابتليت فلا تدل علي، قال: وكان الغلام يبرئ الأكمه (٦) والأبرص، وسائر الأدوية، وكان للملك جليس، فعمي فسمع به، فأتى الغلام وأتاه بهدايا، فقال: اشفنى ولك ما هاهنا أجمع، فقال: إني لا أشفي أحدا، ما يشفي إلا الله، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك، فآمن فدعا الله ﷿ فشفاه، فأتى الملك فجلس إليه نحوًا مما كان يجلس، فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي، قال: أنا، قال: لا، ولكن ربي وربك الله، قال: وإنَّ لك ربا غيري؟، فأخذه بالعذاب فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام، فأتي بالغلام، فأخذه بالعذاب، حتى دل على الراهب، فأتي به، فقال الملك للراهب: ارجع عن دينك، فأبى، فوضع المنشار (٧) في مفرق رأسه حتى وقع شقاه إلى الأرض، ثم قال للأعمى: ارجع عن دينك، فأبى، ففعل به مثل ذلك، فقال للغلام: ارجع عن دينك، فأبى، فبعث به مع نفر إلى جبل، فقال: إذا بلغتم إلى ذروته (٨)، فإن وجع عن دينه، وإلا فدهدهوه (٩) منه، فلما بلغ ذروته قال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم فدُهْدِهوا

⦗٣٦١⦘

أجمعون، وجاء الغلام يتملس (١٠) حتى دخل على الملك، فقال له: ما فعل أصحابك؟ قال: فقال: كفانيهم الله ﷿، فبعث به مع نفر في قرقور (١١)، فقال: لججوا (١٢) به البحر، فإن رجع عن دينه وإلا فغرقوه، فلججوا في البحر، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فانقلبت بهم السفينة فغرقوا أجمعون، وجاء الغلام يتملس حتى دخل على الملك، فقال: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله ﷿، ثم قال: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، فإن فعلت ما أقول لك قتلتني، وإلا فإنك لن تستطيع قتلي، قال: أجمع الناس في صعيد (١٣) واحد، ثم اصلبني، ثم خذ سهما من كنانتى، فقل: باسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، ففعل ذلك، ووضع السهم في كبد قوسه (١٤)، ثم قال: باسم الله، رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صدغه (١٥)، فوضع الغلام يده على موضع السهم،

⦗٣٦٢⦘

ومات الغلام، فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، -ثلاثا - فقيل للملك: أرأيت ما كنت تحذر، فقد نزل بك، قد آمن الناس كلهم، فأمر بأفواه السكك (١٦)، فخدت فيه الخدود (١٧)، وأضرمت (١٨) فيه النيران، وقال: من رجع عن دينه فدعوه وإلا فأقحموه (١٩) فيها، فجعلوا يتقادعون (٢٠) فيها، فجاءت امرأة بابن لها رضيع فكأنها تقاعست (٢١) عن الدخول في النار، فقال: يا أمه اصبري فإنك على الحق فاقتحمت (٢٢) ". -هذا لفظ يزيد بن سنان-.


(١) موضع الالتقاء في الإسناد الأول: هو حماد بن سلمة.
(٢) موضع الالتقاء في الإسناد الثاني، هو هدبة (ويقال: هداب) بن خالد.
(٣) الساحر: هو الذي يتعاطى السحر، والسحر تعريفه كما قال ابن قدامة رحمه الده: هو عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه -أو يعمل شيئاً يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشر له وله حقيقة، فمنه ما يقتل ومنه ما يمرض وما يأخذ الرجل عن =

⦗٣٥٩⦘
= امرأته فيمنعه وطأها، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه، وما يبغض أحدهما الآخر أو يحبب بين الاثنين. المغنى (٩/ ٣٤) وانظر: (المطبع ص ٣٥٨).
(٤) الراهب: الذي يعتزل للعبادة، ويترك ملاذ الدنيا، ويزهد فيها، ويعتزل أهلها. (انظر: النهاية ٢/ ٢٨٠، مختار الصحاح صـ ٢٥٩).
(٥) الفظيع: الشديد الشنيع الذي جاوز المقدار. انظر: (النهاية ٣/ ٤٥٩، مختار الصحاح صـ ٥٠٧).
(٦) الذي يولد أعمى. انظر: (مختار الصحاح ص ٥٧٩).
(٧) هي آلة يقطع بها الخشب. انظر: (تكملة فتح الملهم ٦/ ٣٩٧).
(٨) أي أعلاه. انظر: (مختار الصحاح ص ٢٢٢).
(٩) أي دحرجوه. (كما في القاموس صـ ١٦٠٨)، وجاء بيان ذلك في رواية مسلم: فاطرحوه.
(١٠) الملس: الخفة والإسراع، وقد أملس في سيره إذا أسرع. انظر: (النهاية ص ٤/ ٣٥٦)، (وانظر: القاموس ص ٧٤٢).
(١١) القرقور: سفينة صغيرة. انظر: (تكملة فتح الملهم ٦/ ٣٩٧).
(١٢) لجة البحر: أي معظمه، انظر: (النهاية ٤/ ٢٣٣، القاموس ص ٢٦٠)، وجاء في صحيح مسلم "فتوسطوا به البحر".
(١٣) المراد بالصعيد هنا الأرض البارزة. انظر: (شرح صحيح مسلم للنووي ١٨/ ١٧٩).
(١٤) أي مقبضها عند الرمي. (المصدر).
(١٥) الصدغ: هو ما بين العين والأذن. انظر: (مختار الصحاح ص ٣٥٩).
(١٦) أي الطرق. انظر: (شرح صحيح مسلم للنووي ١٨/ ١٨٠).
(١٧) الأخدود: هو الشق العظيم في الأرض. انظر: (المصدر السابق).
(١٨) أي أشعلت. انظر: (مختار الصحاح ص ٣٨٠).
(١٩) أي اطرحوه كرهًا. انظر: (شرح صحيح مسلم ١٨/ ١٨٠).
(٢٠) التقادع: التهافت والتتابع في الشئ. انظر: (مختار الصحاح ص ٥٣٤).
(٢١) أي توقفت ولزمت موضعها، وكرهت الدخول في النار. (شرح مسلم للنووي ١٨/ ١٨٠).
(٢٢) أخرجه مسلم في صحيحه (الزهد: باب قصة أصحاب الأخدود ٤/ ٢٢٩٩ رقم ٧٣) قال حدثنا هداب بن خالد، حدثنا حماد بن سلمة به.
فائدة الاستخراج: المتابعة التامة لرواية الإمام مسلم.