للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يفنيه، ولا يبقى من صفته الأولى شيء، في أن الحَسَدَ تذهب معه الحسنات حتى لا يبقى لها نفع لفاعلها، ونسبة الأكل استعارة تخييلية؛ لأن الحيوان من لوازمه الأكل.

وفي قوله: "كما تأكل النار الحطب". تحقيق لذهاب الحسنات بالحسد، كما يذهب الحطب بالنار ويتلاشى جرمه، فعلى العاقل أن يداوي هذا الداء ويزيله عن قلبه، بمعرفة أن الحسد يضر الحاسد دينًا ودنيا، ولا يضر المحسود دينًا ولا دنيا، إذ لا تزول نعمة بحسد قط، وإلا لم يبق لله نعمةٌ على أحد حتى الإيمان؛ لأن الكفار يحبون زواله عن المؤمنين، بل المحسود ينتفع بحسنات الحاسد له، لأنه مظلوم من جهته، سيما إذا ظهرت آثار الحسد بالانتقاص: الغيبة وهتك الستر وغيرها من أنواع الإيذاء، فيلقى الله يوم القيامة مفلسًا من الحسنات محرومًا من نعم الآخرة، كما حرم من نعمة سكون القلب وسلامة الصدر في الدنيا، بل في الحقيقة اعتراضه على ربه الذي أولى المحسود نعمته، فقد سخط القضاء، ولم يرض بما اختار الله سبحانه ورضيه له ولمن حسده، وأشبه إبليس في اعتراضه في حق آدم وإبائه على (أ) الذي أراده الله سبحانه، فنسأل الله تعالى السلامة والتسليم لقضائه والرضا بماضي أحكامه.

١٢٤٥ - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". متفق عليه (١).


(أ) في ب: عن.