للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قوله: "ليس الشديد". أي: شديد القوة، "بالصُّرَعة" لضم الصاد المهملة وفتح الراء المهملة، وبالعين المهملة علي بناء فُعَلَة كالهُمَزة واللمزة للمبالغة، أي كثير الصرع لغيره، وبسكون الراء لمن يصرعه غيره كثيرا، قال ابن التين (١): ضبطاه بفتح الراء، ورواه بعضهم بسكونها، وليس بشيء، لأنه عكس المطلوب. قال: وضبط في بعض الكتب بفتح الصاد. ويدل على المعنى الأول ما جاء في حديث ابن مسعود عند مسلم (٢): "ما تعدون الصُّرَعة فيكم؟ ". قالوا: الذي لا يصرعه الرجال.

وقوله: "إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". المراد بالشديد هنا هو شدة القوة المعنوية، وهو مجاهدة النفس وإمساكها عن الشر، ومنازعتها للجوارح بالانتقام ممن أغضبها، فالنفس في حكم الأعداء الكثيرين، وغلبتها فيما تشتهيه، في حكم من هو شديد القوة في غلبة الجماعة الكثيرين فيما يريدونه منه.

وفيه إشارة إلى أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو، لأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل الذي يملك نفسه عند الغضب أعظم الناس قوة.

والغضب عند الحكماء هو حركة النفس إلى خارج الجسد لإرادة الانتقام، وفسره أهل اللغة بضد الرضا، والرضا فسروه بضد السخط.

والحديث فيه دلالة على أنه يجب على من أغضبه امرؤ وأرادت النفس المبادرة إلى الانتقام ممن أغضبه أن يجاهد نفسه ويمنعها عما طلبت، قال


(١) الفتح ١٠/ ٥١٩.
(٢) مسلم ٤/ ٢٠١٤ ح ٢٦٠٨.