وأبو حنيفة وأصحابه وجمهور أهل العراق إلى أنه لا يجوز القضاء بشاهد ويمين؛ قالوا: لقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}(١). وهذا يقتضي الحصر، والزيادة بالشاهد واليمين تخالفه، فإذا اعتبر مفهوم المخالفة كان المعنى: لا بغير ذلك. وزيادة الشاهد واليمين تكون نسخًا لمفهوم المخالفة عند من أثبته، أو على ما أصله الشيخ أبو الحسن الكرخي وأبو عبد الله البصري أن الزيادة باعتبار الشاهد واليمين على ما دلت عليه الآية من الاقتصار على الشاهدين أو الرجل والمرأتين- نسخ للاقتصار، وكذا على قول من قال: إن الزيادة على ما دل عليه (أالنص نسخ أ)؛ لأنها قد رفعت أجزاء المزيد عليه من دونها مطلقًا، سواء كانت الزيادة دالة على زيادة شطر لشيء؛ كزيادة ركعة في الفجر وزيادة التغريب في الحد، أو شرط؛ كزيادة وصف الإيمان في إعتاق رقبة بالإطلاق، وزيادة الطهارة على الطواف، أو رفع مفهوم مخالفة كما في هذا الذي نحن فيه. قالوا: ولا يصح نسخ العلوم بالمظنون، فوجب الاقتصار على ما دلت عليه الآية، وكذا قوله - صلى الله عليه وسلم - في مخاصمة الأشعث بن قيس:"شاهداك أو يمينه". أخرجه البخاري ومسلم (٢). والجواب عن ذلك أن حديث ابن عباس صحيح كما عرفت، وهو متأيد بغيره كما نبهناك عليه، والآية الكريمة إن سلمنا دلالتها على مفهوم المخالفة الذي دلت عليه الآية