الكريمة فالمفهوم ظني، فلا مانع أن ينسخها الحديث المذكور، وإن كان ظنيًّا فهو من باب نسخ الظني بالظني، وكذا الاقتصار على منطوق الآية ظني، وعلى ما حققه العلامة عضد الملة والدين والمدقق الفهامة سعد الدين رحمهما الله تعالى في "شرح مختصر ابن الحاجب" أنه لا نسخ حينئذٍ، وحاصل ذلك أن المرفوع بحديث الشاهد واليمين إنما هو عدم جواز الحكم به، وقوله تعالى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} الآية. لم يثبته لا بمنطوقه ولا بمفهوم المخالفة؛ وذلك لأن الآية دلت على حصر طلب الاستشهاد؛ بمعنى أن اللازم رجلان على تقدير الإمكان، ورجل وامرأتان على تقدير التعذر، فإن منع المفهوم كما هو رأي الحنفية فلا نسخ، وإن سلم المفهوم فليس (أمفهوم قوله أ): {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}. وقوله:{فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}. سواء. أن غير هذا الاستشهاد ليس بمطلوب، بمعنى أن طلب الاستشهاد لم يتعلق إلا بهذين النوعين، وأما أنه لا يصح الحكم بغير هذين النوعين، فلا دلالة عليه للنص، لا بالمنطوق ولا بالمفهوم. انتهى. فيكون حديث الشاهد واليمين بيان حجة مستقلة يثبت بها الحق، وأما حديث:"شاهداك أو يمينه". فهذا الحديث مثله صحيح ظني فيعمل به فيما دل عليه صريحًا وإن خالف مفهوم:"شاهداك أو يمينه". وأجاب الإمام المهدي في "البحر" عن حجة الآخرين بالآية بقوله: قلنا: لم يصرح بإبطال ما روينا، فوجب الجمع. انتهى. وهذا الجواب مجمل لا يفيد المطلوب، ثم قال: وتوقف المؤيد بالله. قلنا: لا وجه موجب للتوقف، إذ الحجة الضعيفة إذا انضمت إلى القوية عمل بها، كالامرأتين مع الرجل.