للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الحديث فيه دلالة على أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد إلا على ما يعلمه علمًا يقينًا كما يعلم الشمس بالمشاهدة، ولا تجوز الشهادة بالظن، فإن كانت الشهادة على فعل فلا بد من رؤية ذلك الفعل، وإن كانت على صوت فلا بد من سماع ذلك الصوت ورؤية المصوِّت، أو التعريف بالمصوِّت بعدلين، أو عدل عند من يكتفي به، إلا في مواضع فيجوز الشهادة بالظن، وبوب البخاري لذلك بقوله: باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض، والموت القديم (١)، فعقد هذه الترجمة. وذكر في الباب أربعة أحاديث في إثبات الرضاع، وثبوته إنما هو بالاستفاضة فيها، لم يذكر فيها شهادة على رؤية الرضاع، وأشار بذلك إلى ثبوت النسب، فإنه من لازم الرضاع ثبوت النسب، وأما ثبوت الرضاعة نفسها بالاستفاضة فهي مستفادة من صريح الأحاديث، فإن الرضاعة المذكورة فيها كانت في الجاهلية وكان ذلك مستفيضًا عند من وقع له، وأما الموت القديم فمقيس على الرضاعة. قال ابن المنير (٢): واحترز البخاري بالقديم عن الموت الحادث، والمراد بالقديم ما تطاول الزمان عليه، وحدّه بعض المالكية بخمسين سنة. وقيل: بأربعين سنة.

وحد الاستفاضة عند الهدوية شهرة في المحلة تثمر علمًا أو ظنّا، وأقل من يسمع منهم جمع يُؤمَن تواطؤهم على الكذب. وقيل: خمسة. وقيل: أربعة. وقيل: يكفي من عدلين. وقيل: يكفي من عدل واحد إذا سكن القلب إليه. وإنما اكتفي بالشهرة في المذكورة، إذ لا طريق إلى التحقيق


(١) البخاري ٥/ ٢٥٣.
(٢) الفتح ٥/ ٢٥٤.