للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقوله: "فكُلْ، ليس السن والظفر". منصوبان على الاستثناء لإخراجهما من عموم ما يحل به الذبح، فدل على أنه يحل الذبح بكل محدد، فدخل في ذلك السيف والسكين والحجر والخشب والزجاج والقصب والخزف والنحاس وسائر الأشياء المحدودة. والظفر يدخل فيه ظفر الآدمي وغيره من كل الحيوانات، وسواء المتصل والمنفصل، والطاهر والنجس. والسن يدخل فيه سن الآدمي وغيره، والطاهر والنجس، والمتصل والمنفصل.

وقوله: "أما السن فعظم". فيه بيان العلة المانعة للتذكية بالسن بأنها كونها عظمًا، وكأنه - عليه السلام - قد قرر أولًا أن العظم لا يحل به الذبح. قال ابن الصلاح في "مشكل الوسيط" (١): ولم أر مَن ذكر للمنع من الذكاة بالعظم معنى معقولًا. وعلله النووي (٢) بأن الذبح بالعظم تنجيس للعظم فيكون كالاستجمار بالعظم، وقد ثبت أنه طعام الجن (٣). وهذا معنى مناسب. وقد ذهب إلى ما دل عليه الحديث الشافعي وأصحابه. وقال به النخعي والحسن بن صالح والليث وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وفقهاء الحديث والجمهور. وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا يجوز بالسن والعظم المتصلين، ويجوز بالمنفصلين. وعن مالك روايات أشهرها جوازه بالعظم دون السن كيف كانا. والثانية كمذهب الجمهور. والثالثة كأبي حنيفة. والرابعة حكاها عنه ابن المنذر: يجوز بكل شيء حتى بالسن والظفر.


(١) الفتح ٩/ ٦٢٨، ٦٢٩.
(٢) شرح النووي ١٣/ ١٢٥.
(٣) تقدم تخريجه في ٢/ ٨٤.