للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

من قبلنا لازم اتباعه في شرعنا على المختار، والأحاديث المتواترة من حيث المعنى في تحريم ذلك، واختلف العلماء في عقوبة الفاعل؛ فذهب الحسن البصري وأبو طالب والإمام يحيى، وهو نص الهادي في "الأحكام"، ورواه أبو طالب عن القاسم، واختيار المؤيد بالله، وقول للشافعي، أنه يحد حد الزاني؛ قياسًا على الزاني بجامع الإيلاج المحرم في فرج محرم، ولا تقدم من حديث أبي موسى (١) وغيره من الآثار، وهي وإن لم تكف في الاستدلال مع ضعف الحديث فهي متقوية بالقياس. وذهب الناصر، ورواه المؤيد بالله عن القاسم، وقول قديم للشافعي، إلى أن حده القتل؛ محصنًا كان أو بكرًا، الفاعل والمفعول به، وحجتهم الحديث المذكور وغيره، وهو عام للمحصن وغيره، ولكنه محتمل للتخصيص؛ إما بالقياس المذكور، أو بالحديث على فرض صحته بأن ذلك في حق المحصن، وذهب المرتضى وأبو حنيفة وقول للشافعي، ورواه في "البحر" عن المؤيد بالله أنه يعزر ولا يقتل. ولعلهم يقولون: إن القياس على الزاني لا يتم؛ فإنه قد يكون من تمام العلة كراهة اختلاط الأنساب، فلا يتم الجامع، والأحاديث فيها ما عرفت لا تقوم بمثل هذا الموجب لاستباحة دم المسلم، ولم يثبت حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا فعله، فوجب الدرء، ولا سيما مع قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لأن تخطئ في العفو خير من أن تخطئ في العقوبة" (٢). وحكى في "الشفا" إجماع الصحابة على قتل الفاعل والمفعول به، فإن تم الإجماع فهو حجة قائمة، وقال أحمد بن أبي بكر البوصيري في كتاب "إتحاف السادة الهرة بزوائد المسانيد العشرة" (٣):


(١) تقدم تخريجه ص ٥٩.
(٢) أخرجه الترمذي ٤/ ٢٥ ح ١٤٢٤ من حديث عائشة رضي الله عنها بنحوه.
(٣) إتحاف الخيرة ٥/ ٢٥٠، ٢٥١.