للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

تسقط نفقة القريب دون نفقة الزوجة. وهذا قول الهادي والمشهور من مذهب الشافعي وأحمد ومالك. والذين أسقطوها بمضي الزمان، منهم من قال: إذا كان الحاكم قد فرضها لم تسقط. وهذا قول بعض الشافعية والحنابلة، ومنهم من قال: لا يؤثر فرض الحاكم في وجوبها شيئًا إذا سقطت بمضي الزمان. وذكر أبو البركات في "المحرر" (١) أن نفقة الزوجة تلزم إذا كان قد فرضها الحاكم، ونفقة القريب لا تلزم بالفرض إلا أن يستدان عليه بإذن الحاكم. ورجح هذا القول ابن القيم في "الهدي" (٢) وقال: إنه الأصوب نقلًا وتوجيها. قال: وإنما ذكر استقرارها بالفرض في "الوسيط" و"الوجيز" و"شرح الرافعي" وفروعه. والذين قالوا: تسقط بالمطل. عللوا سقوطها بأنها إنما شرعت للمواساة لأجل إحياء النفس، وهذا قد انتفى بالنظر إلى الماضي، وأما نفقة الزوجة فهي واجبة لا لأجل المواساة، ولذلك يجب مع غنى الزوجة، ولإجماع الصحابة على عدم سقوطها، فإنه صح عن عمر رضي الله عنه أنَّه كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم، فأمرهم بأن ينفقوا أو يطلِّقوا، فإن طلَّقوا بعثوا بنفقة ما مضى (٣). ولم يخالف عمر في ذلك أحد منهم. والمسقطون لنفقة الزوجة بالمطل قالوا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر لهند أن تأخذ لما مضى. والزوجة إنما وجب لها بالعقد المهر، وأما النفقة فإنما وجبت لكونها معه عانية أسيرة، فهي من جملة عياله، ونفقتها مواساة، ولأن نفقتها بالمعروف


(١) ينظر المحرر ٢/ ١١٤، ١١٥.
(٢) زاد المعاد ٥/ ٥٠٥، ٥٠٦.
(٣) سيأتي ح ٩٥٢.