للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبو داود (١) عن ابن عباسٍ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - أمره بالطلاق بعد أن طلبت المفارقة بالفسخ للعنة، واحتمال أنه - صلى الله عليه وسلم - لم تثبت عنده العنة بقولها -بما يُفهم من تَعرُّف الشَّبَه بينه وبين أولاده- بعيدٌ؛ لأن العنة قد تكون من امرأة دون امرأة، وقد تحدث بعد أن كان بخلافها، ولم يستفصل ذلك - صلى الله عليه وسلم -، ولا طلب منه إجابة الدعوى، بل عدل إلى طريقة أجمل في دفع ما يُخشَى من الضرر بالإمساك، وهو طلب الطلاق منه؛ فدل على أن هذا العيب لا يقتضي الفسخ.

وأما حديث رفاعة، فإنما قالت زوجته: كنتُ عند رفاعة القرظي فأبَتَّ طلاقي، فتزوجتُ عبد الرحمن بن الزَّبير، إنما معه مثل هدبة الثوب. فقال: "أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك" (٢) الحديث. فلم تطلبِ الفُرْقَةَ بينها وبين عبد الرحمن، ولعله قد كان فارقها بالطلاق، وإنما طلَبها رجوعها إلى رفاعة، وهذا أيضًا صريح في رواية "الموطأ" (٣)، ولفظه: أن رفاعة طلَّق امرأته تميمة بنت وَهب في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا؛ فنكحت عبد الرحمن بن الزبير، فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها، ففارقها، فأراد رفاعة أن ينكحها وهو زوجها الأول. الحديث. فصرَّح بأنه طلَّقها، وهذه الرواية تفسر الرواية الأولى؛ لاتحاد القصة، فلا يستقيم الاحتجاج به فتَنَبَّه، ولا حاجة إلى ما أجاب به الإمام المهدي، وعلى القول باختلاف القصَّتين، فقد ذكر الطلاق أيضًا في كل


(١) سيأتي ح ٨٨٧.
(٢) تقدم تخريجه ص ١٣٨، ١٣٩.
(٣) تقدم تخريجه ص ١٣٤.