وقد أشار البخاري (١) إلى نصرة هذا القول، فقال في أول باب الأكفاء في الدين: وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا}(٢). فاستنبط من الآية الكريمة المساواة بين بني آدم، ثم أردفه بإنكاح أبي حذيفة من سالم بابنة أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى لامرأة من الأنصار، وتبناه حذيفة (٣). وهذا القول مروي عن عمر وابن مسعود، وعن محمد بن سيرين وعمر بن عبد العزيز، وحديث الباب كما عرفت من ضعفه.
وأما ما أخرجه أحمد والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم (٤) من حديث بُريدة يرفعة: " [إن](أ) أحساب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه المال". فهو لا يؤخذ منه أن المال معتبر في الكفاءة، فإن الظاهر من معناه [أن](أ) من شأن أهل الدنيا رفعة من كان كثير المال ولو كان وضيعًا، وضعَةَ من كان مقِلًّا ولو كان كريمًا، كما هو موجود مشاهَد. ولكن هذا الذي يذهب إليه أهل الدنيا من سوء نظرهم، وعدم التفاتهم إلى ما ينفع في العقبى، كما قال الله تعالى:{يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}(٥). وقد كفى سبحانه وتعالى في الرد على مَن اعتبر غير الدين،