للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

وحجة الجمهور أن المنهي عنه هو الخطبة، والخطبة ليست شرطًا في صحة النكاح، فلا يفسخ النكاح بوقوعها غير صحيحة. وحكى الطبري أن بعض العلماء قال: إن النهي منسوخ بقصة فاطمة. وهو غلط، وصرح الرُّوياني بأن الخطبة التي تحرم بعدها الخطبة إنما هي إذا كانت جائزة، فلو كانت محرمة كالخطبة للمعتدة لم يكن لها حكم، وهو واضح؛ لأن الأول لم يثبت له حق، وكذا إذا لم يعلم الخاطب بما وقع من الإجابة أو الرد فإنه يجوز الخطبة؛ لأن الأصل الإباحة، وعند الحنابلة في ذلك روايتان.

وقوله: "حتى يترك أو يأذن له". فيه دلالة على الحل للمأذون له. وهل يختص ذلك بالمأذون له أو يتعدى إلى غيره؛ لأن مجرد الإذن المصادر من الخاطب الأول دال على إعراضه عن تزويج تلك المرأة، وبإعراضه يجوز لغيره أن يخطبها، الظاهر الثاني، فيكون الجواز للمأذون له بالتنصيص ولغيره بالإلحاق. ويؤيده قوله في حديث أبي هريرة: "أو يترك". واستدل بقوله: "على خطبة أخيه". بأن محل التحريم إذا كان الخاطب مسلمًا، فلو خطب الذمي ذمية فأراد المسلم أن يخطبها جاز له ذلك مطلقًا، وهو قول الأوزاعي ووافقه من الشافعية ابن المنذر وابن [حَربُويه] (أ) والخطابي. وكذلك حديث: "فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ولا يخطب على خطبته حتى يذر". قال الخطابي (١): قطع الله الأخوة بين المسلم والكافر، فيختص


(أ) في النسخ: حرقويه. وفي الفتح ٩/ ٢٠٠: جويرية. والمثبت من خبايا الزوايا ١/ ٢٢٣، وتهذيب الأسماء ٢/ ٢٥٦ وهو أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب بن عيسى البغدادي. ينظر سير أعلام النبلاء ١٤/ ٥٣٦، وطبقات الشافعية ٣/ ٤٤٦.