النهي بالمسلم. وقال ابن المنذر: الأصل في هذا الإباحة حتى يرد المنع. وقد ورد المنع مقيدًا بالمسلم في حديث عقبة بن عامر أخرجه مسلم (١): "المؤمن أخو المؤمن، فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبته حتى يذر". وذهب الجمهور إلى إلحاق الذمي بالمسلم في ذلك، وأن التعبير بالأخ خرج على الغالب فلا يعمل بالمفهوم. وقال بعضهم: الخلاف راجع إلى أن النهي هل هو من حقوق العقد و [احترامه](أ)، أو من حقوق المتعاقدين؛ فعلى الأول الراجح ما قال الخطابي، وعلى الثاني الراجح ما قال غيره، ومثل هذا شفعة الكافر؛ فمن جعلها من حقوق الملِك أثبتها له، ومن جعلها من حقوق المالك منع، وقريب من هذا ما ذهب إليه الأمير الحسين في "الشفاء"، ونقل عن ابن القاسم صاحب مالك أن الخاطب الأول إذا كان فاسقًا جاز للعفيف أن يخطب على خطبته، ورجحه ابن العربي منهم، وهو متجه فيما إذا كانت المخطوبة عفيفة، فيكون الفاسق غير كفؤ لها، فتكون خطبته كلا خطبة، ولم يعتبر الجمهور ذلك إذا صدرت منها علامة القبول، وقد حكى بعضهم الإجماع على خلاف هذا القول، وكذلك يحرم على المرأة أن تخطب على خطبة المرأة الأخرى إذا قد أجاب الخطوب، إلحاقًا لحكم النساء بحكم الرجال، ويشير إليه أيضًا ما مرّ من حديث أبي هريرة في كتاب البيع (٢): "ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في إنائها". فإنه منهي عن سؤالها الطلاق لأختها ليتزوجها، فكذلك خطبتها لخطبة أختها، وهذا إذا كان في عزم المخطوب ألا يتزوج إلا واحدة، فأما إذا كان عزمه