التي أوصى بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقفها النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال الترمذي (١): لا نعلم بين الصحابة والمتقدمين من أهل العلم خلافًا في جواز وقف الأرضين. وجاء عن شريح أنه أنكر الحبس، وقد تُؤول. وقال أبو حنيفة: لا يلزم. وخالفه جميع أصحابه إلا زفر بن الهذيل. وحكى الطحاوي عن عيسى بن أبان قال: كان أبو يوسف يجيز بيع الوقف فبلغه حديث عمر هذا، فقال: من سمع هذا من ابن عون؟ فحدثه به ابن علية، فقال: هذا لا يسع أحدًا خلافه، ولو بلغ أبا حنيفة لقال به. فرجع عن بيع الوقف حتى صار كأنه لا خلاف فيه بين أحد. انتهى، مع أن الطحاوي انتصر لمذهب أبي حنيفة، وتأول قوله:"حبس الأصل، وسبل الثمرة". بأن ذلك لا يستلزم التأبيد، بك يحتمل أن يكون أراد مدة اختياره لذلك. وهذا بعيد، إذ لا يفهم من التحبيس إلا التأبيد، مع أنه قد ورد في رواية:"حُبُس ما دامت السماوات والأرض". قال القرطبي: رفى الوقف مخالف الإجماع فلا يلتفت إليه، وأحسن ما يعتذر به عمن رده ما قاله أبو يوسف، فإنه أعلم بأبي حنيفة من غيره.
وأشار الشافعي إلى أن وقف الأراضي والعقار من خصائص أهل الإسلام، ولا يعلم مثل ذلك في الجاهلية.
وفي قوله:"حبس الأصل". دلالة على أن التحبيس من [صرائح](أ) الوقف، وقال بعضهم: صريح الوقف هو لفظ (وقفت). وقد ذكر أصحاب