للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حنيفة وزفر أن إيقاف الأرض لا يمنع من الرجوع فيها، ويجاب عنه بأن هذا منقطع؛ لأن ابن شهاب لم يدرك عمر، وبأنه يحتمل أنه لم يكن قد نجز الوقف كما تقدم، وأنه كره أن يفارق النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما أمر به، ثم يخالفه إلى غيره، ويحتمل أن يكون عمر يذهب إلى أن الواقف إذا شرط الرجوع فله أن يرجع، ولعله قد وقع ذلك منه، وقد روى الطحاوي (١) عن علي رضي الله عنه مثل ذلك، فلا تتم حجة أبي حنيفة مع الاحتمال، وأما تعليق الوقف؛ فقد قال بصحته المالكية. وبه قال ابن سُريج، وقال: تعود منافعه بعد المدة المعينة إلى الواقف ثم إلى ورثته. وظاهر مذهب الهدوية أنه يصح تقييده بالشرط، وإذا عدم الشرط رجع ملكًا لمالكه، وإن كان صاحب "الهداية" جعل ذلك مخصوصًا بعلي والحسين عليهم السلام، فإنه جعل الوقف مشروطًا بعدم الاحتياج إليه، ويجاب عنه بأنه لا وجه لما ادعاه من الاختصاص، ولا يقوم ذلك إلا بدليل.

واعلم أن حديث عمر هذا أصل في مشروعية الوقف. قال أحمد (٢) بإسناده عن ابن عمر: أول صدقة، أي موقوفة، كانت في الإسلام صدقة عمر. وروى عمر بن [شبة] (أ) عن [عمرو] (ب) بن سعد بن معاذ قال: سألنا عن أول حبس في الإسلام، فقال المهاجرون: صدقة عمر. وقال الأنصار: صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفي إسناده الواقدي (٣). وفي "مغازي الواقدي": أن أول صدقة موقوفة كانت في الإسلام أرض مخيريق -بالمعجمة مصغر-


(أ) في النسخ: أبي شيبة. والمثبت من الفتح ٥/ ٤٠٢.
(ب) في النسخ: عمر. والمثبت من الفتح ٥/ ٤٠٢، وينظر تهذيب الكمال ٢/ ٢٤٦.