البئر في العمق، فيكون الحريم على قدر ذلك لحاجة البئر إليه، ويمكن أن يجمع بين هذه الأحاديث، [ويؤخذ من ذلك](أ) قدر مشترك بينها، وهو ما يحتاج إليه؛ إما لأجل البئر أو لسقي الماشية.
وقد اختلف الأئمة في ذلك؛ فذهب الهادي وأبو حنيفة والشافعي إلى أن حريم البئر الإسلامية أربعون ذراعًا، وذهب أحمد بن حنبل إلى أن الحريم خمسة وعشرون، ويقاس على البئر غيرها مثل العين، وقد ذهب الهادي وأبو يوسف إلى أن حريم العين الكبرى الفوارة خمسمائة ذراع من كل جانب، استحسانًا، وكأنه نظر إلى ذلك في أرض رخوة، تحتاج إلى ذلك القدر، وأما في الأرض الصلبة فدون ذلك. وبهذا تأول أبو طالب إطلاق كلام الهادي وهو الأولى، إذ ثبوت ذلك بالقياس على البئر، وكذلك الدار المنفردة حريمها فناؤها، وهو مقدار أطول جدار في الدار. وقيل: ما تصل إليه الحجارة إذا انهدمت. وقد ذهب إلى هذا زيد بن علي وغيره من الأئمة، وحريم النهر قدره ما يُلقَى فيه طينُ كَشحِه، صرح بذلك الهدوية. وقال أبو يوسف: مثل نصفه من كل جانب. وقال محمد بن الحسن: بل بقدر أرض النهر جميعًا. وكذا الأرض، حريمها ما يحتاج إليه وقت عملها، وإلقاء كَسْحِها. وكذا المسيل، حريمه مثل النهر، على الخلاف، وثبوت هذا جميعه بالقياس على البئر بجامع الحاجة، وهذا في الأرض المباحة، وأما الأرض المملوكة فلا حريم في شيء من ذلك، بل لكل أن يفعل في ملكه ما شاء. والله أعلم.
٧٥١ - وعن علقمة بن وائل، عن أبيه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطعه أرضًا