يدًا بيد. فقال له ابن عوف: فنعطي الخبيث ونأخذ غيره؟ قال: لا، ولكن ابتع بهذا عرضًا، فإذا قبضته وكان لك فبعه، واهضم ما شئت وخذ ما شئت.
وأراد بقوله: فنعطي الخبيث. أنَّه إذا كان أحد الدرهمين غير جيد فكيف يؤخذ به درهم جيد سواء بسواء؟ فأجاب بتعليم الحيلة المسوغة، وبما قام عليه الإجماع بأنه يجوز البيع من البائع بعد مدة لا لأجل التوصل إلى عوده بالزيادة، وقد ذكرته الهدوية فقالوا: يجوز البيع من البائع إذا كان غير حيلة، فلا فرق بين التعجيل والتأجيل، وعلى أن المعتبر في ذلك وجود الشرط في أصل العقد وعدمه؛ فإذا كان مشروطًا عند العقد أو قبله على عوده إلى البائع، فالبيع فاسد أو باطل على الخلاف، وإن كان مُضْمرًا غير مشروط فهو صحيح، فهو كمن أراد أن يزني بامرأة فعدل إلى أن عقد بها ليواقعها، فقد عدل عن الحرام إلى الحلال بالطريق التي شرعها الله تعالى. وذهب مالك وأحمد إلى منع ذلك؛ لما فيه من التوصل إلى تفويت مقصد الشارع من المنع من الربا.
وسد الذرائع مقصود مدلول عليه بالأدلة الشرعية، كتحريم ما قلَّ من الخمر وغيره، ولما سيأتي من الحديث في العِينة وإن كان فيه مقال.
وقوله: وقال في الميزان مثل ذلك. أي وقال فيما كان يوزن إذا بيع بجنسه مثل ما قال في المكيل؛ لأنه لا يباع متفاضلًا، وإذا أريد مثل ذلك بيع بالدراهم وشري ما يراد بها، والإجماع قائم بأنه لا فرق بين المكيل والموزون في ذلك الحكم.
وقال ابن عبد البر (١): إنهم أجمعوا أن ما كان أصله الوزن لا يصح أن