وقوله "ولا يختلى شوكها" أي لا يؤخذ ويقطع، وذكر الشوك دليل على أن غيره مما لا يؤْذي بالأولى، ولكنه يخصص بالمؤذي، فيجوز قطعه قياسًا على ما تقدم من حل قتل الخمس في الحرم بجامع الإيذاء، وفي رواية "لا يعضد شوكها" والعضد القطع، وفي رواية "لا يختلى خلاها" والخَلَى بفتح الخاء مقصور هو: الرطب من الكلأ والحشيش والحشيش اسم لليابس منه، والكلأ بالهمزة يقع على الرطب واليابس، وعد ابن مكي وغيره من لحن العوام إطلاقهم الحشيش على الرطب، بل هو مختص باليابس، واتفق العلماء على تحريم قطع أشجارها التي لم ينبتها الآدميون في العادة، وعلى تحريم قطع خلاها، واختلفوا فيما ينبته الآدميون، واختلفوا في ضمان الشجر إذا قطع فذهب الهادي وغيره من أهل البيت وأبو حنيفة والشافعي إلى أنه يلزم فيه القيمة، وقدر الشافعي في الشجرة العظيمة بقرة وفيما دونها شاة، ويجوز عند الشافعي ومن وافقه رعي البهائم في كلأ الحرم، وذهب الهادوية وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد ومحمد إلى أنه لا يجوز.
وقوله "ولا يحل ساقطها إِلا لمنشد" المراد بالساقط اللقطة وهو مصرح به في روايات، والمنشد هو المعرف بها، والإنشاد رفع الصوت، يقال للمعرف منشد ويقال لطالبها ناشد، والمعنى أنه لا يحل الالتقاط إلا لمن يعرف بها أبدًا ولا يتملكها، وبهذا قال الشافعي وعبد الرحمن بن مهدي وأبو عبيد وغيرهم، وهذا خاص بلقطة مكة، وأما غيرها فيجوز أن يلتقطها بنية التملك بعد التعريف بها سنة عند الشافعي، ويجوزأن يحفظها لصاحبها، ولا يجب عنده التعريف إلا إذا قصد التملك، وذهب مالك إلى أنه يجوز أن يتملكها بعد التعريف بها سنة في مكة كغيرها في