للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قول غيره من أن العام المتأخر ناسخ، وكذا المطلق يحتاج إلى النظر في أيهما المتقدم، ومع جهل التاريخ يحتاج إلى الترجيح وقد عرفت أن خبر ابن عباس متأخر فيلزم العمل به وأنه يجوز اللبس من دون قطع، وكذا في حديث ابن عباس: "من لم يجد إزارًا ووجد سراويل فليلبسها" (١).

ومذهب أحمد في الخفين والسراويل جميعًا، وهذا في حق الرجل لا المرأة، ثم اختلف العلماء في لابس الخفين لعدم النعلين هل عليه فدية أم لا؟ فقال مالك والشافعي ومن وافقهما: لا شيء عليه؛ لأنه لو وجب فدية لبينها - صلى الله عليه وسلم - وقال أبو حنيفة وأصحابه: عليه الفدية كما إذا احتاج إلى حلق الرأس فحلقه، وكذا عند الهادوية إلا أن ظاهر عباراتهم أنه يجب عليه القطع حتى لا يكون محيطًا بالرجل ويصير مثل النعل، وإذا بلغ إلى هذا القدر فلا دم عندهم، وإلا وجب الدم، ويكرر بتكرر النزع له من القدم.

وقوله "ولا تلبسوا شيئًا من الثياب مسه الزعفران والورس" قيل عدل عن طريقة ما تقدم ليشير إلى اشتراك الرجال والنساء في ذلك وهو بعيد، بل الظاهر إنما هو الإشارة إلى أن ما مسه الورس والزعفران لا يجوز لبسه سواء كان مما يعتاد لبسه أو لا، والورس (٢) بفتح الواو وسكون الراء بعدها مهملة نبت أصفر طيب الرائحة يصبغ به، وقال ابن العربي: ليس هو بطيب ولكن شبه الطيب إلا أنه نبه به على أنه يجب اجتناب الطيب وما أشبهه مما هو طيب الرائحة ويدل ذلك على تحريم لبس ما صبغ به سواء كان الصبغ في جميع الملبوس أو بعضه، وسواء بقي له أثر الرائحة أو لا، وقال مالك في الموطأ: يكره لبس المصبوغات لأنها تنقض، وظاهر هذا


(١) الطبراني بلفظه ١٢: ١٧٩، وهو عند البخاري بنحوه ٤: ٥٨ ح ١٨٤٣.
(٢) لسان العرب (و. ر. س) ٦: ٤٨١٢ (ط. المعارف، مصر).